وغيرها أن الداعي يبدأ
بحمد الله والثناء عليه، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بما أراد،
فإن هذا من أسباب استجابة الدعاء، والصلاة فيها هذا المعنى؛ لأن فيها حمد الله في
قراءة سورة «الفاتحة»، وفيها الصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها الدعاء في آخرها قبل السلام، فمن صلى ودعا
الله في صلاته، حريٌّ أن يُستجاب له.
قوله: «وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مَسْعُودٍ: كُنْت أُصَلِّي...». لمَّا بدأ عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
بالثناء على الله، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سأل الله عز وجل، قال
له النبي صلى الله عليه وسلم: «سَلْ تعطه»،
فهذا إقرار منه صلى الله عليه وسلم أنه أتى بآداب الدعاء وأسباب الإجابة.
قوله: «فَلَفْظُ السَّمْعِ يُرَادُ بِهِ
إدْرَاكُ الصَّوْتِ». هذا رجوع على ما سبق في تفسير «سمع الله لمن حمده»، فهو يدل على أن حمد الله والثناء عليه من أسباب
سماع الله له، أي: استجابته له؛ لأن السماع يُطلق ويُراد به: سماع الصوت دون فهم
معناه، كما تسمع البهائم الراعي، ﴿كَمَثَلِ ٱلَّذِي
يَنۡعِقُ بِمَا لَا يَسۡمَعُ إِلَّا دُعَآءٗ﴾ [البقرة: 171]،
فالبهائم تسمع صوت الراعي، ولكنها لا تفهم معناه، ويُراد بالسماع أيضًا: معرفة
معنى الصوت، ويُراد به: الإجابة.
قوله: «وَيُرَادُ بِهِ مَعْرِفَةُ
الْمَعْنَى مَعَ ذَلِكَ». يُراد به: إدراك الصوت مع معرفة المعنى، فإن سمع
الصوت وعرف المعنى ثم عمل به فقد حصل على المطلوب، وإن لم يعمل به فإنه يُحرم من
المطلوب، وكذلك من سمع آيات الله وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وفهم معناها،
فإن عمل بها حصل على المطلوب والنتيجة، وإن اكتفى بمجرد السماع والمعرفة فقط ولم
يعمل حُرم من فائدتها.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد