أما بعد موته فقد انقطع.
وهذا ما يريده أغلب الجهال أن يدعو لهم وهو ميت، أو يستغفر لهم وهو ميت، وهذا
ممنوع؛ لأن هذا انتهى بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يريدون المعنى الصحيح.
قوله: «فَهَؤُلاَءِ الَّذِينَ أَنْكَرَ
عَلَيْهِمْ مَنْ أَنْكَرَ». ولهذا أنكر عليهم العلماء في طلبهم الدعاء
والاستغفار من الرسول صلى الله عليه وسلم.
قوله: «وَهَذَا كَمَا أَنَّ
الصَّحَابَةَ كَانُوا يُرِيدُونَ بِالتَّوَسُّلِ بِهِ التَّوَسُّلَ بِدُعَائِهِ
وَشَفَاعَتِهِ وَهَذَا جَائِزٌ بِلاَ نِزَاعٍ». كانوا في حياة الرسول صلى الله
عليه وسلم يطلبون منه الدعاء والشفاعة؛ لأنه حي بين أظهرهم، والشفاعة معناها أنه
يدعو لهم، والصلاة على الميت شفاعة؛ لأنها دعاء له من المسلمين الذين يصلون عليه،
فيجوز أن تطلب من الحي الحاضر أن يدعو الله لك، وأن يستغفر لك، وإن كان الأفضل أن
تستغني عن الناس.
وهذا يوضحه قول عمر رضي الله عنه لما أجدبوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه
وسلم، وأرادوا أن يستسقوا، قال عمر رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا
فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا، قم
يا عباس فادْعُ» ([1]). فمراد عمر بالتوسل
هو طلب الدعاء بعد موته، فعدل من الميت إلى الحي، وعدل من الفاضل إلى المفضول وهو
العباس رضي الله عنه؛ لأن الميت لا يُطلب منه شيء، وإنما يُطلب هذا من الحي الحاضر
القادر على الدعاء. وهذا هو مفهوم الصحابة رضي الله عنهم في التوسل: أنه طلب
الدعاء من الحي الحاضر، وطلب الشفاعة بمعنى الدعاء؛ لأن الدعاء شفاعة لهم عند
الله.
قوله: «ثُمَّ إنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ فِي زَمَانِنَا لاَ يُرِيدُونَ هَذَا الْمَعْنَى بِهَذَا اللَّفْظِ». لا يريدون هذا المعنى، يريدون المعنى الممنوع وهو التوسل
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1010).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد