ثم قال: ﴿أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ
يَدۡعُونَ﴾، أولئك الذين يدعوهم المشركون، وهم: عيسى، وعزير، ومريم
هم أنفسهم فقراء إلى الله يطلبون من الله ويتقربون إليه ﴿يَبۡتَغُونَ
إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ﴾ أي: القرب من الله جل وعلا، فعيسى وأمه عباد من عباد
الله محتاجون إلى الله يتقربون إليه بطاعته وعبادته، فكيف يُطلب منهم كشف الضر أو
تحويله؟ فهم عباد مثلكم مفتقرون إلى الله يتقربون إليه ويتوسلون إليه بالطاعة، ﴿أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ
وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ﴾ فهم لا يأمنون على
أنفسهم، ولا يضمنون لأنفسهم حصول المقصود، ﴿إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا﴾ هذا قول في تفسير الآية.
والقول الثاني: أنها نزلت في قوم من المشركين كانوا يعبدون الجن من دون
الله عز وجل، فأسلم الجن، وصاروا يتقربون إلى الله بطلب حوائجهم منه، ولم يعلم
هؤلاء المشركون أن معبوديهم أسلموا وصاروا يدعون الله عز وجل ([1])، ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ
زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا
تَحۡوِيلًا ٥٦أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ
أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ
عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ٥٧﴾ [الإسراء: 56، 57].
وعلى كلٍّ: الآية تدل على أن من يدعوهم المشركون هم عباد من عباد الله،
سواء كانوا من الأنبياء الصالحين، أو كانوا من الجن، فهم عباد فقراء لا يملكون
شيئًا، فكيف يُطلب منهم ما لا يُطلب إلا من الله جل وعلا ؟
وهذه الآية فيها رد على المشركين في أن من تدعونهم لا يستطيعون إجابتكم، وتحقيق مطالبكم؛ لأنهم مخلوقون أمثالكم، فكيف يعبد الإنسان مخلوقًا مثله، فقيرًا مثله، عاجزًا مثله؟ هذه من العجائب، ومن الانتكاس في الفطر، وتلاعب الشيطان بعقول بني آدم.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4714)، ومسلم رقم (3030).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد