×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الأول

الصحابة رضي الله عنهم في حق النبي صلى الله عليه وسلم والذي يستدل به الجهال أو المغرضون بأنه توسل بذاته عليه الصلاة والسلام حيًّا وميتًا، فهذا باطل؛ لأن المراد التوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم. يُفسر هذا قول عمر رضي الله عنه: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا» ([1])، يعني: بدعائه صلى الله عليه وسلم، ولو كان التوسل بذاته لما كان هناك فرق بين حياته وموته عليه الصلاة والسلام، ولماذا عدل الصحابة رضي الله عنهم عن التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته إلى التوسل بالعباس؟ لأن التوسل ليس بالذات وإنما هو بالدعاء، والرسول مات ولن يدعو، فعدلوا إلى الحي وهو العباس عم الرسول صلى الله عليه وسلم. فالتوسل في عرف الصحابة رضي الله عنهم بالشخص هو طلب الدعاء منه، فيتوسلون بدعائه لهم.

قوله: «وَالتَّوَسُّلُ بِهِ فِي عُرْفِ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ». هذا النوع الثالث الباطل.

قوله: «يُرَادُ بِهِ الإِْقْسَامُ بِهِ وَالسُّؤَالُ بِهِ كَمَا يُقْسِمُونَ بِغَيْرِهِ مِنْ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَمَنْ يَعْتَقِدُونَ فِيهِ الصَّلاَحَ». فهذا عند المتأخرين الذين غلطوا في معنى التوسل، يريدون التوسل بذات الرسول، أو بذات الولي، وهذا باطل؛ لأنه لا يتوسل إلى الله بأحد من خلقه، ولأن هذا معناه الإقسام على الله، فإذا قلت: أسألك بنبيك. فمعناه: أقسم عليك بنبيك؛ لأن الباء باء القسم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ سَأَلَكُمْ بِاللَّهِ فَأَعْطُوهُ» ([2])، يعني: من أقسم عليكم أن تعطوه فأعطوه إجلالاً لله سبحانه وتعالى الذي سألكم به، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفۡسٖ وَٰحِدَةٖ وَخَلَقَ مِنۡهَا زَوۡجَهَا وَبَثَّ مِنۡهُمَا رِجَالٗا كَثِيرٗا وَنِسَآءٗۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلۡأَرۡحَامَۚ [النساء: 1].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1010).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (5109)، والنسائي رقم (2567)، وأحمد رقم (5743).