يقول الله جل وعلا لأهل النار إذا دخلوا النار -والعياذ بالله-: ﴿أَلَمۡ أَعۡهَدۡ إِلَيۡكُمۡ
يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ﴾، أي: أوصي إليكم، يُقال: عهد إلى فلان إذا أوصاه، وهذا
من باب التوبيخ ﴿أَن لَّا
تَعۡبُدُواْ ٱلشَّيۡطَٰنَۖ﴾ [يس: 60].
وقد نهيتكم عن ذلك؛ لأنه عدوكم، ولا يريد لكم الخير، وهذه النار التي أنتم
فيها من ثمرات طاعة الشيطان الذي أطعتموه، فالشيطان يدعو إلى النار: ﴿يَدۡعُواْ حِزۡبَهُۥ
لِيَكُونُواْ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴾ [فاطر: 6].
وليس من لازم عبادة الشيطان أن يسجد له، ويصلي له، وإنما إذا أطاعه وعصى
الله عز وجل فقد عبد الشيطان، وامتثل أمر الشيطان، وعصى أمر ربه، هذا الانقياد
والطاعة للشيطان نوع من عبادته، فمن أطاع الشيطان فقد عبده، ومن أشرك بالله فقد
أطاع الشيطان، ومن ابتدع في دين الله فقد أطاع الشيطان، ومن قطع رحمه وعق والديه
فقد أطاع الشيطان، وهكذا. وليست عبادة الشيطان مقصورة على أن يسجد ويركع له، وإنما
عبادته في طاعته ومخالفة أمر الله سبحانه وتعالى.
فالإنسان مجبور مفطور على أنه عبد، فإما أن يكون عبدًا لله، فينال بذلك
الشرف في الدنيا والآخرة، وإما أن يكون عبدًا للشيطان.
ولهذا يقول ابن القيم رحمه الله:
هَرَبُوا مِنَ الرِّقِّ الَّذِي خُلِقُوا لَهُ |
فَبُلُوا بِرِقِّ النَّفْسِ والشَّيْطَانِ |
وقوله: «الرِّقِّ الَّذِي
خُلِقُوا لَهُ»، أي: صاروا أرقاء مملوكين للنفس وللشيطان والعياذ بالله.
فالإنسان عبد مهما كان، إما أن يكون عبدًا لله، وإما أن يكون عبدًا لغيره؛ عبدًا
لهواه، عبدًا للشيطان، عبدًا للدنيا وطمعها، عبدًا للنساء، عبدًا للمخلوقين، فلا
شك هو عبد على كل حال.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد