×
شرح كتاب العبودية

أَجۡمَعِينَ توعَّدَ أنْ ينتقِمَ من بني آدم؛ إلا أنه استثنى بعضهم فقال: ﴿إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ، فقال الله جل وعلا: ﴿قَالَ هَٰذَا صِرَٰطٌ عَلَيَّ مُسۡتَقِيمٌ ٤١إِنَّ عِبَادِي لَيۡسَ لَكَ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطَٰنٌ إِلَّا مَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ ٤٢ [الحجر: 41- 42]. فالذين يعتصمون باللهِ ويلجؤون إلى اللهِ، لا يتمكَّنُ الشيطانُ من إغوائِهم وإضلالِهم؛ لأنَّ اللهَ يعصِمُهم حيثُ أخلصُوا عبادتَهم لله.

كان بعضُ الناسِ في الجاهليةِ يزعمونَ أنَّ الملائكةَ بناتُ الله، كما أنَّ النَّصارى يقولون: المسيحُ ابنُ الله، فنَسبُوا للهِ ولدًا: بنينَ وبنات، واللهُ منزَّهٌ عن ذلك، قال تعالى: ﴿لَمۡ يَلِدۡ وَلَمۡ يُولَدۡ ٣وَلَمۡ يَكُن لَّهُۥ كُفُوًا أَحَدُۢ ٤ [الإخلاص: 3- 4]، وقال: ﴿مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٖ وَمَا كَانَ مَعَهُۥ مِنۡ إِلَٰهٍۚ إِذٗا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهِۢ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعۡضُهُمۡ عَلَىٰ بَعۡضٖۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [المؤمنون: 91]، فاللهُ سبحانه ليسَ له ولدٌ ولا والد، لا بِدَاية له ولا نِهَاية؛ لأنَّه كاملٌ لا يحتاجُ إلى أَحَد، وإنَّما يحتاجُ المخلوقون إلى الولدِ لفقرِهم وحاجاتِهم، أمَّا اللهُ جل وعلا فإنَّه غَني، له ما في السمواتِ وما في الأرضِ ولا يحتاجُ إلى ولد؛ ولأنَّ الولدَ جزءٌ من الوَالِد، وشبيهٌ بالوالد، واللهُ جل وعلا ليسَ له جزء من خلقهِ ولا شبيهَ له، فلا أحَدَ من الخَلْقِ يكونُ من اللهِ جل وعلا، أو بعضًا من الله، ولا شبيهًا له، قال تعالى: ﴿بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ فوصَفَ الملائكةَ بأنَّهم عبادٌ مع شَرَفِهم ومكانتِهم، فلم يَخرُجُوا عن العُبُودية، ولم يكونوا ولدًا للهِ سبحانه وتعالى.


الشرح