كما قال تعالى: ﴿وَجَحَدُواْ
بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ فَٱنظُرۡ كَيۡفَ كَانَ
عَٰقِبَةُ ٱلۡمُفۡسِدِينَ﴾ [النمل: 14]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ٱلَّذِينَ
ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ
وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 146]،
وَقَال تَعَالَى ﴿فَإِنَّهُمۡ لَا
يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33].
فَإِنْ اعْتَرَفَ
الْعَبْدُ أَنَّ اللهَ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ؛ وَأَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إلَيْهِ
مُحْتَاجٌ إلَيْهِ
****
* «فَالْمَعْرِفَةُ بِالْحَقِّ
إِذَا كَانَتْ مَعَ الاِستِكْبَارِ عَنْ قَبُولِهِ وَالجَحْدِ لَهُ كَانَ عَذَابًا
عَلَى صَاحِبِهِ»: أي: مَعْرفة الحَقِّ إذا كانَ مع اسْتِكبارٍ
عن الحَقِّ فهو عذابٌ على صَاحبِه؛ لأنَّه يَعرِفُ الحَقَّ ولا يعمَلُ به، فليس له
حُجَّةٌ عندَ اللهِ سبحانه.
«وَقَال تَعَالى: ﴿وَجَحَدُواْ
بِهَا وَٱسۡتَيۡقَنَتۡهَآ أَنفُسُهُمۡ ظُلۡمٗا وَعُلُوّٗاۚ﴾»،
أي: جَحَدوا بآياتِ اللهِ وهم مُسْتَيقِنون بها في أنفسِهم استكبارًا عنها لأجْلِ
الظلمِ والتعالي على الناس.
«وَقَال تَعَالى: ﴿ٱلَّذِينَ
ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ﴾» أي:
اليهود والنصارى، ﴿يَعۡرِفُونَهُۥ﴾،
أي: مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم، ﴿كَمَا
يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ﴾، ومع هذا كفروا به، فهذا كفرٌ عن
عِنَادٍ واستكبارٍ مع المَعْرِفة.
«قال تعالى: ﴿وَلَٰكِنَّ
ٱلظَّٰلِمِينَ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ يَجۡحَدُونَ﴾ [الأنعام: 33] ». فهم يعلَمُون صِدقَ الرَّسول صلى
الله عليه وسلم، ومع ذلك يَسْتكبرون عن طاعتِه واتِّباعِه، فهم ظالمون للحَقِّ
والعياذُ بالله.
الصفحة 4 / 397