وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ وَأَهْلِ
الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ؛ إذْ هُوَ رَبُّهُمْ كُلُّهُمْ وَمَلِيكُهُمْ، لاَ
يَخْرُجُونَ عَنْ مَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ، وَكلِمَاتِهِ التَّامَّاتِ الَّتِي
لاَ يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌّ؛ فَمَا شَاءَ كَانَ وَإِنْ لَمْ
يَشَاءُوا. وَمَا شَاءُوا إنْ لَمْ يَشَأهُ لَمْ يَكُنْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿أَفَغَيۡرَ
دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ
طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ﴾ [آل عمران: 83].
فَهُوَ سُبْحَانَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَخَالِقُهُمْ وَرَازِقُهُمْ وَمُحْييهِمْ
وَمُمِيتُهُمْ وَمُقَلِّبُ قُلُوبِهِمْ وَمُصَرِّفُ أُمُورِهُمْ لاَ رَبَّ لَهُمْ
غَيْرُهُ وَلاَ مَالِكَ لَهُمْ سِوَاهُ وَلاَ خَالِقَ إلاَّ هُوَ سَوَاءٌ اعْتَرَفُوا
بِذَلِكَ أَوْ أَنْكَرُوهُ، وَسَوَاءٌ عَلِمُوا ذَلِكَ أَوْ جَهِلُوهُ؛ لَكِنَّ
أَهْلَ الإِْيمَانِ مِنْهُمْ عَرَفُوا ذَلِكَ وَاعْتَرَفُوا بِهِ؛ بِخِلاَفِ مَنْ
كَانَ جَاهِلاً بِذَلِكَ؛ أَوْ جَاحِدًا لَهُ مُسْتَكْبِرًا عَلَى رَبِّهِ لاَ
يُقِرُّ وَلاَ يَخْضَعُ لَهُ؛ مَعَ عِلمِهِ بِأَنَّ اللهَ رَبُّهُ وَخَالِقُهُ.
فَالْمَعْرِفَةُ بِالْحَقِّ إِذَا كَانَتْ مَعَ الاِسْتِكْبَارِ عَنْ قَبُولِهِ
وَالْجَحْدِ لَهُ كَانَ عَذَابًا عَلَى صَاحِبِهِ
****
وتجري
عليهم: «كَلِمَاتِهِ
التَّامَاتِ الَّتِي لاَ يُجَاوِزُهُنّ بَرٌّ وَلاَ فَاجِرٌّ»: أي: كلماته
القَدَرِية.
«وقَال تَعَالى: ﴿وَلَهُۥٓ
أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ﴾» هذا من
الإسلامِ العام، الذي هو الخضوعُ والانقيادُ القَهْري.
«فَهُوَ سُبْحَانَهُ رَبُّ
الْعَالَمِينَ» جميعًا: المؤمن والكافر، يتصرَّفُ فيهم سبحانَه
ويُدبرُهم.
«سَوَاءٌ اعْتَرَفُوا بِذَلِكَ أَوْ
أَنْكَرُوهُ» فهم عبادُ اللهِ سواءً اعترفوا بذلك أو
أنكرُوه.