والشاهدُ أنه قال: ﴿رَبِّ﴾
فاعترَفَ أنَّ اللهَ ربُّه، ولم ينفعْه ذلك: ﴿قَالَ
رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾
[الحجر: 39]. وهذا أيضًا فيه اعترافُه بتوحيدِ الرُّبوبية، وقال ﴿فَبِعِزَّتِكَ
لَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ﴾
أقسَمَ بعِزَّةِ الله، وهذا اعترافٌ منه بتوحيدِ الرُّبُوبية، وقال لربِّه: ﴿أَرَءَيۡتَكَ هَٰذَا ٱلَّذِي
كَرَّمۡتَ عَلَيَّ﴾ [الإسراء:
62] يُخاطِبُ اللهَ بهذا الخِطابِ الكُفْري القبيح، واللهُ جل وعلا وهو يعلمُ أنَّ
اللهَ له الفضلُ يُؤتِي فضلَه مَن يشاءُ لا حِجْرَ على اللهِ جل وعلا، وكان
الواجِبُ أنْ يدعو اللهَ أن يُكرمَه وأنْ يُعِزَّه، أمَّا أنْ يعترِضَ على اللهِ
جل وعلا، فهذا كفرٌ باللهِ عز وجل. لا اعتراضَ على اللهِ جل وعلا.
* «وأمثالُ هذا من الخِطابِ الذى
يُقِرُّ فيه بأنَّ اللهَ ربُّه وخالِقُه وخالقُ غيرِه»:
كقولِه: ﴿أَنَا۠
خَيۡرٞ مِّنۡهُ خَلَقۡتَنِي مِن نَّارٖ وَخَلَقۡتَهُۥ مِن طِينٖ﴾ [الأعراف: 12]، فاعترَفَ بأن الذي خلقَه هو الله، وهذا
إقرارٌ منه بتوحيدِ الرُّبوبية، وزعَمَ إبليسُ أنَّ النارَ أحسنُ من الطين، وهذا
من انتكاسِ الفَهْم، فالطينُ أحسنُ من النَّار؛ لأنَّ الطينَ طيبٌ يُنبِتُ
ويُثمِرُ وبارِد، وأمَّا النارُ فهي مُحرِقةٌ ولا تُنتِجُ شيئًا، ولهذا قيل:
أوَّلُ مَن قَاسَ القياسَ الفاسِدَ إبليس.