×
شرح كتاب العبودية

وَكَذَلِكَ أهلُ النَّارِ قَالُوا: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتۡ عَلَيۡنَا شِقۡوَتُنَا وَكُنَّا قَوۡمٗا ضَآلِّينَ [المؤمنون: 106] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ [الأنعام: 30]. فَمنْ وقَفَ عِنْدَ هَذِه الْحَقِيقَة وَعند شُهُودِها، وَلمْ يقُمْ بِمَا أَمرَ اللهُ بِهِ من الْحَقِيقَةِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي هِيَ عِبَادَتُه الْمُتَعَلِّقَةُ بإلهيتِه وَطَاعَة أمرِه وَأمرِ رَسُولِه كَانَ من جنسِ إِبْلِيسَ وَأهلِ النَّار؛

****

  «وكذلك أهلُ النار» فأهلُ النارِ اعترفُوا بتوحيدِ الربوبيةِ وهم في النار، قالوا: ﴿رَبَّنَا غَلَبَتۡ عَلَيۡنَا شِقۡوَتُنَا وَكُنَّا قَوۡمٗا ضَآلِّينَ [المؤمنون: 106]. يدعون اللهَ يقولون: ربنا، فهم مُقرِّون بتوحيدِ الربوبية، ومع هذا قالَ اللهُ لهم: ﴿قَالَ ٱخۡسَ‍ُٔواْ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ ١٠٨إِنَّهُۥ كَانَ فَرِيقٞ مِّنۡ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَآ ءَامَنَّا فَٱغۡفِرۡ لَنَا وَٱرۡحَمۡنَا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلرَّٰحِمِينَ ١٠٩ فَٱتَّخَذۡتُمُوهُمۡ سِخۡرِيًّا حَتَّىٰٓ أَنسَوۡكُمۡ ذِكۡرِي وَكُنتُم مِّنۡهُمۡ تَضۡحَكُونَ ١١٠ [المؤمنون: 108- 110]

«وقال تعالى عنهم: ﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَىٰ رَبِّهِمۡۚ قَالَ أَلَيۡسَ هَٰذَا بِٱلۡحَقِّۚ قَالُواْ بَلَىٰ وَرَبِّنَاۚ [الأنعام: 30] »: فقد أقَرُّوا بربوبيتِه وأقسمُوا به سبحانه وتعالى، فهم مُعترِفُون به في الدُّنيا والآخرة.

«فمَنْ وقَفَ عندَ هذه الحقيقة»: أي: من وقَفَ عندَ توحيدِ الربوبيةِ وقال يكفي.

«ولمْ يقُمْ بمَا أمرَ به من الحقيقةِ الدينيةِ التي هي عبادتُه المتعلِّقةُ بإلهيتِه وطاعةِ أمرِه وأمرِ رسولِه كان من جِنسِ إبليسَ وأهلِ النار»: لا شَكَّ أنَّ هذا مذهبُ غُلاةُ الصُّوفية، وهو من جِنسِ مذهبِ المشركين ومذهبِ إبليس، لا ينَفعُ شيئًا.


الشرح