وَهَذِه الْعِبَادَة هِيَ الَّتِي يُحِبهَا الله
ويرضاها، وَبهَا وصَفَ المُصطَفين من عبادِه، وَبهَا بعَثَ رسلَه.
وَأما «العَبْد»
بِمَعْنى المعبَّد سَوَاء أقرَّ بذلك أَو أنكرَه؛ فتلكَ يشْتَركُ فِيها الْمُؤمنُ
وَالْكَافِر.
****
قوله:
«فالإلهُ الذي يألَهُه القلب..»:
الإلهُ هو المألوهُ بأنواعِ العبادةِ، وأعظمُها الحُبُّ في القلبِ بأنْ يألهَه
القلبُ يعني: يُحِبُّ اللهَ عز وجل، قال تعالى: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ﴾ [البقرة: 165]
قوله:
«وهذه العبادةُ هي التي يُحِبُّها اللهُ
ويرضَاها»؛ ولهذا قال رحمه الله في بدايةِ الرِّسالة: «العبادةُ» هي اسمٌ جامِعٌ لكُلِّ مَا يُحِبُّه اللهُ ويرضاه: من
الأقوالِ والأعمالِ الباطنةِ والظاهرة»: هذه هي العبادةُ التي يُحِبُّها اللهُ
ويرضَاها، أمَّا العبادةُ التي لا يُحِبُّها اللهُ ولا يرضَاها وهي عبادةُ
المُشركِ فهي باطلة.
قوله:
«وبهَا وصَفَ المُصْطَفين من عبادِه»:
المصطفين جمع: مُصْطفى، والمُصْطفى هو المُختَارُ من الأنبياءِ وغيرِهم قال تعالى:
﴿وَإِنَّهُمۡ
عِندَنَا لَمِنَ ٱلۡمُصۡطَفَيۡنَ ٱلۡأَخۡيَارِ﴾
[ص: 47]. فهم يعبدون اللهَ وحدَه ولا يُشركون به شيئًا فلا يَترُكونَ عبادةَ اللهِ
بِحُجَّةِ أنَّهم قد وصَلُوا كما تقولُه الصُّوفيةُ الضُّلاَّل.
قوله:
«وبِهَا بعَثَ رُسلَه»: أي: بعبادةِ
اللهِ المُسْتَمرةِ بعثَ اللهُ رسلَه، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا
نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]
الصفحة 5 / 397