وَلِهَذَا كَانَ عنوانُ التَّوْحِيدِ «لاَ إِلَه
إِلاَّ الله» بِخِلاَفِ من يُقِر بربوبيتِه وَلاَ يعبدُه: أَو يعبد مَعَه إِلَهًا
آخر، فالإلهُ [هُوَ] الَّذِي يألَهُه الْقلب بِكَمَالِ الْحُبِّ والتعظيمِ
والإجْلالِ وَالإِْكْرَامِ وَالْخَوْفِ والرجاء وَنَحْو ذَلِك،
****
قوله:
«ولهذا كان عُنوانُ التوحيدِ «لا إله إلا
الله»»: هذه الكلمة، لا إلهَ إلا الله، معناها: لا مَعبُودَ بحقٍّ إلا الله،
فمعنى الإِلَه: المَعْبُود، والألوهية: هي العِبَادةُ، ومَن عَبَد غيرَ اللهِ
فإنَّه معبودٌ بالباطلِ لا بِحَق؛ ولهذا قالَ سبحانه ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا
يَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هُوَ ٱلۡبَٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ﴾ [الحج: 62] فالعبادةُ بحقٍّ للهِ جل وعلا، وهذا معنى «لا إله إلا الله» لا معبودَ حقًا إلا
اللهُ جل وعلا، وما عدَاه فهو معبودٌ بالباطل.
وقوله:
«بخلافِ من يُقِر بربوبيتِه ولا يعبدُه:
أو يعبدُ معه إلهًا آخر»: أي: مَن لا يعبدُه أصلاً وهو المُسْتَكبر، أو يعبدُه
ويعبدُ معه غيرَه وهو المُشْرك، فكثيرٌ من الناسِ اليومَ يصُومُون ويُصلُّون
ويَحُجُّون ويذكرون اللهَ ويُسبِّحونه؛ ولكن يَعبدونَ مع اللهِ غيرَه بأنواعٍ من
العباداتِ كالذَّبحِ والنَّذرِ والاستغاثةِ وغيرِ ذلك مِمَّا يفعلُونه عندَ
القبور، ويُشركون باللهِ الشركَ الأكبرَ مع أنَّهم يعبُدُونَ اللهَ ببعضِ أنواعِ
العِبادات، فهذا لا يكْفي وعباداتُهم باطلة؛ لأنَّ الشركَ يُبطِلُ الأعمال، قال
تعالى: ﴿وَلَقَدۡ
أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ
عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾
[الزمر: 65] فالشِّركُ يُحبِطُ الأعْمَال.