كَانَ قَوْله هَذَا من شَرّ أَقْوَال الْكَافرين
بِاللَّه وَرَسُوله.
حَتَّى يدْخل فِي
«النَّوْع الثَّانِي» من معنى العَبْد، وَهُوَ العَبْد بِمَعْنى العابد، فَيكون
عابدًا لله لاَ يعبد إِلاَّ إِيَّاه؛ فيطيع أمره وَأمر رسله، ويوالي أولياءه
الْمُؤمنِينَ الْمُتَّقِينَ؛ ويعادي أعداءه وَهَذِه الْعِبَادَةُ مُتَعَلقَةٌ
بإلهيتِه.
****
قوله: «كان قوله هذا من شر
أقوال الكافرين بالله ورسوله»؛ لأنَّ أمرَ اللهِ وتشريعاتِ اللهِ لا تَسقُطُ
عن أحدٍ مَهْما بلَغَ من المَكَانة، ومطلوبٌ من كلِّ العبادِ أنْ يقوموا بها ولا
يُعفَى منها أَحَد، والأنبياءُ والرُّسُلُ - عليهم الصلاةُ والسلام - من أكثرِ
الناسِ عبادة، وأفضلُهم محمدٌ صلى الله عليه وسلم كان يُصلِّي ويصومُ ويُجاهِدُ
ويَحُجُّ ويَعتمِرُ وكان يقومُ حتى تتفطَّرُ قدماه من طُولِ القيام، وكان يتعبدُ للهِ
بأنواعِ العباداتِ التي لا يَطيقُها أحدٌ غيرُه صلى الله عليه وسلم، ولم يقُل: إني
وصلْتُ إلى اللهِ ويكْفِى هذا.
لا
يكونُ الإنسانُ عبدًا مؤمنًا باللهِ إلا إذا قامَ بالدينِ بجميعِ شرائعِه التي
يَستطيعُها، فإذا قام بجميعِ شرائعِ الدِّينِ التي يَستطِيعُها صارَ مسلمًا وعبدًا
لله، أمَّا إذا تمَرَّدَ عليها وعصى؛ فإنه ليس عبدًا للهِ العبوديةَ الخَاصَّة،
وإن كان عبدًا للهِ العبوديةَ العامةَ الكَونية.