وَقد وَقع فِي هَذَا طوائف من المنتسبين إِلَى التَّحْقِيق
والمعرفة والتوحيد؛ وَسبب ذَلِك أَنه ضَاقَ نطاقهم عَن كَون العَبْد يُؤمر بِمَا
يقدّر عَلَيْهِ خِلاَفه، كَمَا ضَاقَ نطاق المُعْتَزلَة وَنَحْوهم من القَدَرِيَّة
عَن ذَلِك.
****
فَلو ضَربَه إِنسانٌ - مَثلاً - لا يَقُول: هَذا
مُقدَّر عَليَّ وَيسكُت، بَل يُطالِب بِحقِّه، وَينتَقم مِمَّن ضَربه.
ولِهَذا
قَال: «وَأصْحَاب هَذا القَولِ «الذِينَ»
يَحتَجُّون بِالحَقيقَة الكَونِيَّة لاَ يَطَّردُون هَذا القَولَ»، أي: أَنَّهم
لاَ يَطَّردُون وَلا يَستَمِرُّون عَلى مَذهَبِهم يَحتَجُّون بِهِ فِي كُلِّ
شَيءٍ، بَل يَحتَجُّون بِالقدَرِ فِي تَرك الأَوامِر وَفِعل النَّواهي، وَلا
يَحتَجُّون بِهِ فِي المطَالِب الدُّنيَوِيَّة فَيترُكُونَها.
قولُهُ:
«وَمِنهُم «صِنْف»يَدَّعونَ
التَّحقيقَ والمَعرِفَة»؛ أي: هَؤلاءِ يُقسِّمون النَّاسَ إِلى خَاصَّة وعامَّة.
فالعَامَّةُ:
هُمْ مَن لَم يَصِلوا إِلى اللهِ، يَلتَزمُون بِالشَّريعة؛ لأنَّهَا لَم ترفَعْ
عَنهُم التَّكالِيف.
الخَاصَّة:
هُم مَن وَصَلوا إلَى اللهِ، وَلا يَلتَزمُون بِالشَّرِيعة؛ لأنَّهَا قَد رَفَعت
عَنْهمُ التَّكالِيف.
الصفحة 11 / 397