وكذلِكَ السُّنَّة:
مَن تَركَها وَقتَ الفِتنِ هَلكَ مَع أهْلِ الضَّلال، فَالفِتنُ مِثل الطُّوفان،
وَلا يُنجِي مِنهَا إلا التَّمسُّك بِالسُّنَّة، ولاَ يُمكِن أنْ تَتمَسَّك
بِالسُّنَّة إلا إذَا عَرفتَهَا.
فَما
كل مَن ادَّعى أنَّه مُتمسِّك بالسُّنَّة وَأنهُ سَلفيٌّ يَكون كَذلِك، لا بُدَّ
مِن مَعرفَة منْهَج السَّلفِ، وَمعرِفة السُّنَّة وَدراسَتِها والتَّمَكن مِن
فَهمِها؛ حتَّى يتَمَسَّك بِها عَلى الوَجه الصَّحيح؛ لهذا قَال جل وعلا: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ
وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ﴾
[التوبة: 100]، بِهذا الشَّرط «بِإحْسَان»،
بِمعْنَي أنَّك تعْرف مَنهَجَهُم وَمذهَبَهُم وَتتمَسَّك بِه عَلى بَصيرَة.
لأنَّ
كَثيرًا مِمَّن يُضلِّلون النَّاس يَقولون: هذَا مَنهَج السَّلف، وَهذا مَا عَليهِ
السَّلف، وَهو غَيرُ صَحيحٍ، فَيهلَك وَيظنُّ أنَّه عَلى مَنهَج السَّلفِ؛ لأنَّه
لا يَعرف هَذا المَنهَج، وَلم يَدرُسْه دِراسَة صَحيحَة.
وَقد
يكون اطَّلَع عَليهِ فِي الكُتبِ وَلم يفْهَمْه الفَهْم المَطلوبَ، واعْتَمد عَلى
فَهمِه المَحدُود وقِراءَته القَاصِرة، وَلم يَدرُس عَلى أهْلِ العِلْم، وَلمْ
يَسألْ عَمَّا أُشكِل علَيه، فَيظُنُّ أنَّه فَهمَ فِي حِين أنَّه لَم يَفهَمْ،
وَأنَّه عَالمٌ وَهو لَيسَ بِعَالمٍ، فَيَضلُّ بِهذهِ الطرِيقَةِ، وَإن كَان
يُريدُ مَذهَب السَّلفِ، وَلكنْ لِكونِهِ لَم يَعرِفه وَلم يَدرُسْه وَلم يَتمعَّن
فِيه؛ فَإنَّه لَم يَحصلْ عَليهِ.
الصفحة 3 / 397