وَأما قَوْله: ﴿وَلَا
يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا﴾ وَقَوله: ﴿أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ لِلَّهِ﴾ فَهُوَ إخلاص
الدَّين لله وَحده، وَكَانَ عمر بن الخطاب يَقُول: اللَّهُمَّ اجْعَل عَمَلي كُله
صَالحًا، واجعله لوجهك خَالِصًا وَلاَ تجْعَل لأحد فِيهِ شَيْئًا. وَقَالَ الفضيل
بن عِيَاض فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ
أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ﴾ [هود: 7] قَالَ: «أخلصه وأصوبه»، قَالُوا: يَا
أَبَا عليَّ مَا أخلصه وأصوبه؟ قَالَ: «إِن العَمَل إِذا كَانَ خَالِصًا وَلم يكن
صَوَابًا لم يقبل، وَإِذا كَانَ صَوَابًا وَلم يكن خَالِصًا لم يقبل، حَتَّى يكون
خَالِصًا صَوَابًا، والخالص أَن يكون لله، وَالصَّوَاب أَن يكون على السُّنَّة».
****
*
وأَمَّا البِدعُ «فَلا تَكُون مِن
الحَسَناتِ وَلاَ مِن العَمَل الصَّالِح»، بَل هِيَ مِن الضَّلاَل، وَإن كَان
صَاحِبُها يَظنُّ أَنَّه مُحسنٌ، وَأن هَذه حَسناتٌ وَأعْمَالٌ صالِحَةٌ؛ فَهِي
هَبَاء مَنثورٌ؛ لأَنَّها لَم تُبنَ عَلَى أَصْل.
فَمَا
خَالف الكِتَاب وَالسُّنَّة فِإنَّه ضَلال، وَإنْ كَان صَاحِبه يَظُنُّ أَنَّه
حَسنٌ، فَالعبْرَة ليْسَت بِالظَّنِّ وَلا بِالقَصدِ، بَل العِبْرة بِالمُتابَعَة
بِصِدقٍ.
والعَمَل
يَكُون صَالحًا إِذَا كَان مُوافِقًا لِلكِتَاب وَالسُّنَّة، وَيَكون فَاسِدًا
مَردُودًا إِذا كَان مُخَالفًا لِلسُّنَّة.
هَذا دُعاءُ أمِير المُؤمِنينَ عُمر بْنِ
الخَطَّاب رضي الله عنه، فِيه شَرطَا قَبُول العَمَل، قَال: «اللَّهمَّ اجعَلْ عَملِي كُلَّه صَالحًا»، هَذا هُوَ المُتابَعة
وَتركُ البِدْعة، فَيَكون العَمَل صَالحًا إذَا كَانَ عَلَى سُنَّة الرَّسُول صلى
الله عليه وسلم، ثُم قَال: «وَاجْعَله
لِوَجهِك خَالصًا»، هَذا هُو الإخْلاَص بِأن لاَ يَكُون فِيه شِركٌ.
الصفحة 6 / 397