×
شرح كتاب العبودية

وَقد قِيل: إِنَّ الخَاصَّ المَعْطُوفَ عَلى العَامِّ لاَ يدْخل فِي العَام حَال الاقتران؛ بل يكُونُ مِن هَذَا البَاب. وَالتَّحْقِيق أَن هَذَا لَيْسَ لاَزِمًا، قَالَ تَعَالَى: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ [البقرة: 98]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ وَأَخَذۡنَا مِنۡهُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا [الأحزاب: 7].

وَذِكرُ الخَاصِّ مَعَ العَامِّ يكون لأسباب متنوعة: تَارَة لكَونه لَهُ خاصية لَيست لسَائِر أَفْرَاد العَام؛ كَمَا فِي نوح وَإِبْرَاهِيم ومُوسَى وَعِيسَى.

****

إِن قِيل: الخَاصُّ لاَ يَدخُل فِي العَامِّ فِي حَالِ اقْتِرانِهمَا؛ لأَنَّ العَطفَ يَقتَضي المُغايَرة؟ فَالجواب: أَنَّ هَذا مَوجُود فِي قَولِه تَعالى: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ [البقرة: 98]، فإنَّ جِبريلَ وَميكَال دَاخِلان فِي المَلائِكة.

* وَكذَلِك فِي قَولِه تَعَالى: ﴿وَإِذۡ أَخَذۡنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَ مِيثَٰقَهُمۡ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٖ وَإِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَۖ [الأحزاب: 7]، فَلفظُ النَّبيِين يَشمَل نُوحًا، وَإبرَاهِيم، وَمُوسى، وَعِيسى، وَمُحمَّدًا، وَلكنْ ذِكر الخَمسَة بَعْد ذِكر النَّبيِين لِخاصِّيَّة هَؤلاء الخَمسَة عَليهِم الصَّلاة والسَّلام، فَهم أُولوا العَزم مِن الرُّسُل، وذَكَروا فِي هَذِه الآَية، وَفي قَولِه تَعَالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ [الشورى: 13]، فَاللهُ ذَكَرهم بعد ذِكر النَّبيِين لاخْتِصاصِهم وفَضلِهم.


الشرح