بِغَيْرِهِ خص كاسم الفَقِير والمسكين لما أفرد
أَحدهمَا فِي مثل قَوْله: ﴿لِلۡفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ
أُحۡصِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾ [البقرة: 273]، وَقَوله: ﴿إِطۡعَامُ
عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ﴾ [المائدة: 89]، دخل فِيهِ الآخر وَلما قرن
بَينهمَا فِي قَوْله: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ﴾
[التّوبَة: 60] صَارا نَوْعَيْنِ.
****
ومِن نَظائِر ذَلكَ فِي الكِتابِ مِثل الفَقِير
وَالمِسكِين يَجمَعهُما الحَاجَة، وَأنَّهما مِن أَهلِ الزَّكَاة، فَإذا أُفْردَ
أحدُهُما دَخل فِيه الآخَرُ، فَإذا ذُكر المِسكين فَقط دَخلَ مَعهُ الفَقيرُ،
وَإذا ذُكرَ الفَقيرُ فَقطْ دَخَل مَعه المِسكِين، أمَّا إِذا ذَكرا جمِيعًا صَار
الفَقيرُ لَه مَعنَى، والمِسكِينُ لَه مَعنى، قَال تَعَالى: ﴿إِنَّمَا ٱلصَّدَقَٰتُ
لِلۡفُقَرَآءِ وَٱلۡمَسَٰكِينِ﴾
[التوبة: 60].
فالفُقَراء
هُنا هُم الذِينَ لا يَجدُون شَيئًا، أَو يَجدُون بَعض الكِفايَة والمِسكِين
أَحسَن حَالاً مِن الفَقير، فَهُو الذِي يجِد نِصفَ الكِفايَة أَو أغْلَبها، فَإذا
ذُكِرا صَار لِكُلِّ وَاحد مَعنَى، وإِذا أُفرِد أَحدُهما دَخلَ فِيه الآَخرُ.
وَلِهَذا
يَقُولون فِي مِثلِ هَذينِ: إِذا اجتَمَعَا افْتَرقَا، يَعنِي فِي المَعنَى، وِإذا
افْتَرقَا اجْتَمعَا، وَكذَلِك الإِسلاَم وَالإيمَان؛ فَإذا أُطلِق الإِسْلام دَخل
فِيهِ الإيمَانُ؛ لأنَّه لاَ يَكُون إسْلاَم دُونَ إِيمان، وَإذَا ذُكر الإيمَانُ
دَخَل فِيه الإِسلامُ، لأَنَّه لاَ يَكُون إيمَان صَحيحٌ دُون إِسلام، وَقد ذُكِرا
جَمِيعًا كَما فِي حَديثِ جِبريل، فَإنَّ الإسْلاَم يَكُون فِي الأَعمَال
الظَّاهِرة، وَأمَّا الإيمَان فَيَكون فِي الأَعمَال البَاطِنة، وَكلاَهُما
مُتلازِمان، وَهذِه مِن دِلاَلاتِ الألْفَاظ فِي اللُّغَة العَربيَّة وَفي
الشَّرعِ، لاَ بُدَّ للإنْسَان أَن يَعرِفَها.