وَكَذَلِكَ قَوْله: ﴿إِنَّهُمۡ
كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ﴾ [الأنبياء: 90].
ودُعاؤهم رَغَبًا ورَهبًا مِن الخَيرَات، وأمْثَال ذَلِك فِي القُرْآن كثير.
وَهَذَا البَاب
يكونُ تَارَة مَعَ كَون أَحدهمَا بعض الآخر، فيعطف عَلَيْهِ تَخْصِيصًا لَهُ
بِالذكر لكَونه مَطْلُوبًا بِالمَعْنَى العَام، وَالمعْنَى الخَاص، وَتارَة تكون دلاَلَة
الاِسْم تتنوع بِحَال الاِنْفِرَاد والاقتران، فَإِذا أفرد عَم وَإِذا قرن
****
تعَالَى: ﴿مَن كَانَ عَدُوّٗا لِّلَّهِ وَمَلَٰٓئِكَتِهِۦ
وَرُسُلِهِۦ وَجِبۡرِيلَ وَمِيكَىٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوّٞ لِّلۡكَٰفِرِينَ﴾ [البقرة: 98]؛: جِبريلُ ومِيكَالُ دَاخلانِ فِي
المَلائِكَة، وَعطْفُهما عَلَيهمْ لِلاهْتِمَام بِهذَين المَلكين العَظيمينِ.
وَكذَلِك
قولُه تعَالَى: ﴿إِنَّهُمۡ
كَانُواْ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡخَيۡرَٰتِ وَيَدۡعُونَنَا رَغَبٗا وَرَهَبٗاۖ﴾ [الأنبياء: 90]: والدُّعاءُ دَاخلٌ بِالمسَارعَة في
الخَيراتِ فعَطفُه عَليهَا مِن عطْفِ الخَاصِّ عَلى العَامِّ اهْتِمَامًا بِه.
*
الخاصُّ يُعطَف علَى العَامِّ لأهَميَّتِه والاهْتِمام بِه، مِثل قَولِه: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ وَتَوَكَّلۡ
عَلَيۡهِۚ﴾ [هود: 123]، وهَذَا يَدلُّ عَلى
أَهمِيَّة التَّوكُّل، مَع أَنَّه نَوعٌ مِن أَنوَاع العِبادَة، فَهُو دَاخلٌ فِي قَوله:
﴿فَٱعۡبُدۡهُ﴾.
وَكما
فِي قوْلِه تَعَالى: ﴿إِيَّاكَ
نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ﴾
[الفاتحة: 5]، فَعَطَف الاسْتعَانة عَلَى العِبَادة، مَع أنَّ الاسْتِعَانة نَوعٌ
مِن أنْواعِ العِبادَة، ولأهَمِّيَّة الاسْتِعانة عُطفَت عَلى العِبادَة، وَكذا قَولُه
تَعَالى: ﴿حَٰفِظُواْ
عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وَٱلصَّلَوٰةِ ٱلۡوُسۡطَىٰ﴾
[البقرة: 238]، فمَع أنَّ الصَّلاة الوُسطَى دَاخلة فِي الصَّلوات؛ إِلا أَنَّه
خَصَّها بِالعَطفِ وَذلكَ للاهْتِمامِ بِها.