الفَحشَاء دَاخلةٌ فِي المُنكَر، لَكن المُنكَر
مِنهُ مَا هُو فَاحشٌ وَمنه مَا هُو دُونَ ذَلك، فَعطفُ الفَحشاءِ عَلى المُنكَر
مِن بَاب الاهْتِمَام، بالتَّحذِير مِن الفَحْشَاء، وَالفَحشَاءُ: مَا فَحُشَ
إِثمُه وَعَظُم جُرمُه.
*وكَذَلك
قَولُه تَعَالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ
يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ
عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ﴾
[النحل: 90]، وإيتَاء ذِي القُربى دَاخلٌ فِي العَدْل والإحْسان فَعطفَه عَليهِمَا
اهْتمَامًا بِحقِّ القَرابَة، وَصلةِ الرَّحم.
«كَما أَنَّ الفَحشاءَ وَالبَغيَ
مِن المُنكَر»؛ لأنَّ المُنكَر أعَمُّ، فَكلُّ مَا نَهى اللهُ
عَنه فَهُو مُنكر، وَكلُّ مَا أَمر اللهُ بهِ فَهو المَعرُوف، فَالفَحشاء وَالبغْيُ
دَاخِلان فِي المُنكَر، وَعطفُهُما عَليهِ مِن عَطفِ الخَاصِّ عَلى العَامِّ
اهْتِمامًا بِهِ؛ لأَنَّ البَغيَ وَهُو التَّعَدِّي عَلى النَّاس مِن أشَدِّ
المُنكَر، والفَحشَاء مِن أشَدِّ المُنكر.
*وَكَذلكَ
قَولُه تَعَالى: ﴿وَٱلَّذِينَ
يُمَسِّكُونَ بِٱلۡكِتَٰبِ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾
[الأعراف: 170]، وَإِقَام الصَّلاة دَاخلٌ بِالتَّمَسك بِالكِتاب، فَالذينَ
يَتَمسَّكون بِما أَنزلَ اللهُ سبحانه وتعالى، يَعمُّ جَميعَ الكُتبِ السَّماويَّة
الإلهِيَّة؛ حَيث إِنَّها كُلَّها دَاخِلةٌ فِي لَفظ الكِتابِ، فَالذينَ
يَتمسَّكونَ بِالكتابِ فِي كُلِّ وَقت بِحسَبهِ.
فَبعْدَ
بَعثَة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم صَار الكِتَاب هُو القُرآنُ والسُّنَّة،
وَقبلَ ذَلكَ كُلُّ تَابع لِنَبيٍّ، فَإنَّه يَتمسَّك بِالكِتابِ الذِي أُنزِل
عَلَيه، وهَذا هُو العَملُ الصَّالح.
ثُم
قَال: ﴿وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾، إِقام الصَّلاة مِن التَّمسُّك بِالكتابِ، فَعطف إِقام
الصَّلاة عَليه مِن عَطْف الخَاصِّ عَلى العَامِّ اهْتِمَامًا بهِ، وقالَ