وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱذۡكُر رَّبَّكَ فِي نَفۡسِكَ تَضَرُّعٗا وَخِيفَةٗ﴾إلَى قَولِه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ
عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩﴾ [الأعراف: 205-
206].
وَهَذَا وَنَحْوه
مِمَّا فِيهِ وصف أكَابِر الخلق بِالعبَادَة وذم مَن خَرَج عَن ذَلِك مُتَعَدد فِي
القُرْآن،
****
مُتفرِّقة،
وَمنْهَا أَنَّهم يَعبُدون الشَّمسَ والقَمرَ، فَقال اللهُ: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِ ٱلَّيۡلُ
وَٱلنَّهَارُ وَٱلشَّمۡسُ وَٱلۡقَمَرُۚ﴾،
فالشَّمسُ والقَمرُ مِن آياتِ اللهِ ومِن مَخلُوقات اللهِ، فَكيفَ تُعبدُ مَع
اللهِ سبحانه وتعالى ؟!
وَلِهذا
قَالَ: ﴿لَا تَسۡجُدُواْ لِلشَّمۡسِ
وَلَا لِلۡقَمَرِ﴾؛ لأَنَّها
مَخلُوقة مِثلُكم مُسخَّرَة، ﴿وَٱسۡجُدُواْۤ
لِلَّهِۤ ٱلَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾،
الذِي خَلَق الشَّمسَ والقَمر هُو الذِي يَستحِقُّ العِبَادة.
أمَّا
الشَّمسُ وَالقَمرُ فَهُما مَخلُوقَان لا يَستحقَّان العِبَادة، ﴿إِن كُنتُمۡ إِيَّاهُ تَعۡبُدُونَ﴾،
فأَخلِصوا لَه العبَادَة، ثُمَّ قالَ: ﴿فَإِنِ
ٱسۡتَكۡبَرُواْ﴾، أي: اسْتَكبَروا عَن السُّجودِ
للهِ عز وجل، ﴿فَٱلَّذِينَ عِندَ
رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُۥ بِٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَهُمۡ لَا يَسَۡٔمُونَ۩﴾، فَالمَلائِكة لاَ يَملُّون مِن العِبادة، فَهذا فيهِ
أنَّ المَلائكَة عِبادٌ للهِ، وأنَّهُم لاَ يسأَمُون وَلا يملُّون مِن عِبَادة
اللهِ، وَلا يَستكْبِرون عَنهَا فَهل الصُّوفِيَّة أَفضَل مِن المَلائِكة؟!.
قَولُه تَعالى: ﴿وَٱذۡكُر رَّبَّكَ فِي نَفۡسِكَ تَضَرُّعٗا وَخِيفَةٗ وَدُونَ
ٱلۡجَهۡرِ مِنَ ٱلۡقَوۡلِ بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡأٓصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡغَٰفِلِينَ
٢٠٥ إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ
وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩ ٢٠٦﴾ [الأعراف:
205- 206]، وهَذهِ مثل الآيَات السَّابقَة، وأنَّ المَلائِكةَ لاَ يسْتكبِرُون عنْ
عِبادَة اللهِ جل وعلا، ﴿وَيُسَبِّحُونَهُۥ﴾ أي: ينَزِّهُونه عَن النَّقصِ، ﴿وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩﴾ أي: يَسجُدون للهِ جل وعلا.
الصفحة 11 / 397