×
شرح كتاب العبودية

وجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي» ([1]). وَقد بَين أَن عباده هم الذين ينجون من السَّيِّئَات قَالَ الشَّيْطَان: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغۡوَيۡتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَأُغۡوِيَنَّهُمۡ أَجۡمَعِينَ ٣٩إِلَّا عِبَادَكَ مِنۡهُمُ ٱلۡمُخۡلَصِينَ ٤٠ [الحجر: 39- 40]،

****

 أَو سَفكُ الدِّمَاء أَو أَخذُ الأَمْوَال أوْ تَوسُّع المَمَالك، بَل الغَرَضُ إِقامَة التَّوحِيد وَالعبَادَة للهِ عز وجل.

وَلِذلكَ فَمَن قَبِل الدَّعوَة وَاستَجَاب فَإنَّه لاَ يُقاتَل؛ ﴿فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَوٰةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ [التوبة: 5].

قَولُه صلى الله عليه وسلم: «وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي»: يَعْنِي بِذَلكَ الغَنَائمَ، فَإنَّ اللهَ أحَلَّها لَه وَلأمَّتِه، قَال صلى الله عليه وسلم: «وَأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلْ لأَِحَدٍ قَبْلِي» ([2])، قَال تَعَالى: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَيۡءٖ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ [الأنفال: 41]، فالغَنَائم هِي مَا يأخُذُه المُسلِمُون مِن أَموَال الكُفَّار بِواسِطَة الجِهاد فِي سَبيل اللهِ حَلال. فَهي أَحلُّ شَيءٍ، ﴿فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلَٰلٗا [الأنفال: 69].

وقولُهُ صلى الله عليه وسلم: «وُجُعِلَ الذُّلُّ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَف أَمْرِي»، لاَ شَكَّ أَنَّ مَن خَالَف أَمرَ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم فَإنَّه ذَليلٌ صَغيرٌ حَقيرٌ، وَإنْ زَعَم أنَّه رَاقٍ، وَأنَّه مُتحضِّر، وَإن زَعم أنَّه مَلِك وَأنَّه رَئيسٌ فَهو ذَليلٌ، فَالذي يُخالِف أَمر الرَّسول صلى الله عليه وسلم ذلِيلٌ مَهمَا كَان، وَالذِي يُوافِق أَمر الرَّسُول صلى الله عليه وسلم


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (5115)، وسعيد بن منصور في «سننه» رقم (2370)، والبزار رقم (8606).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (521).