وَفِي المسند عَن ابْن عُمَر، عَن النَّبِي صلى
الله عليه وسلم أَنه قَالَ: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ حَتَّى
يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،
****
قَولُه صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ»، يَعنِي:
الجِهَاد فِي سَبِيل اللهِ، جِهادُ المُشرِكينَ بَعد دَعوَتهِم إِلى اللهِ، إِذا
أَبَوا قَبُول الدَّعوَة فَإنَّه يجَاهِدُهم، حَتَّى يَكُون الدِّينُ كُلُّه للهِ،
قَالَ تعَالَى: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ
حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِۚ﴾ [الأنفال: 39]، وقَولُه: «بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ حَتَّى يُعْبَدَ اللهُ
وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ».
وَكَما
قَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الحَديثِ الآَخر: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ
اللهَ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤتُوا
الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ
إِلاَّ بِحَقِّ الإِسْلاَمِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ»([1]).
فَأين
الذِينَ يُنادُون بِحُرِّيَّة العَقِيدَة؟ فَالحرِّيَّة الصَّحِيحة هِي
الحُرِّيَّة مِن عِبَادة غَيرِ اللهِ فَهِي الذُّلُّ والخَسَارة.
وَقَولُه:
«بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَة» يَعنِي:
قُربَ قِيامِ السَّاعَة؛ لأِنَّه آَخر الرُّسُل صلى الله عليه وسلم ولَيْس بَعده
إِلاَّ قِيَام السَّاعَة، وقولُه: «حَتَّى
يُعْبَدَ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ»، فَالغَرضُ مِن الجِهَاد فِي سَبيل
ِاللهِ أَن يُعْبَد اللهُ وَحدَه لاَ شَريك لَه، وَأنْ تَكُون كَلمَة اللهِ هِي
العُليَا.
كما قَال الرَّسُول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ» ([2])، وَليسَ الغَرضُ مِن الجِهَاد الاسْتيلاَء عَلى النَّاس
([1]) أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).