×
شرح كتاب العبودية

أَمَّا الذِي يَترُك الدَّعوَة إِلى التَّوحيدِ وَيدعُو إِلى أمُور جَانِبيَّة مِن أُمور الدِّين فَهَذا مُخالِفٌ لِدعوَةِ الرُّسلِ، فَالجَمعِيَّات والدَّعَوات والدُّعَاة الآنَ الذِينَ لاَ يهْتمُّونَ بِالتَّوحِيد، ولا يَدعُون النَّاس إِلَى التَّوحِيد وَهُم يُشاهِدُون الشِّركَ وَاقعًا فِي النَّاس وَلا يُنكِرُونه، هَؤلاءِ مُخالِفُون لِدَعْوَة الرُّسلِ.

فَأوَّل مَراتِب الدَّعوَة وَأوَّل أوَّلِيَّات الدَّعوَةِ الدَّعوَةُ إِلى التَّوحِيد والنَّهي عَن الشِّرك، فَأيُّ جَمعِيَّة وَأيُّ دَاعِية لاَ يَهتَم بِالتَّوحيد، ولا يَنهَى عَن الشِّركِ فَدعْوَتهُ خَاسِرة وبَاطِلة وَلا تَنجَح أَبَدًا؛ لأنَّها مُخالِفَة لِدعْوَة الرُّسُل.

بلْ هَؤلاَء الدُّعَاة يَنهَون عَن الدَّعْوَة إِلى التَّوحِيد وَيقُولون: لاَ تُنفِّروا النَّاس اتُركُوهم عَلى عَقائِدهِم، وَنجْتَمِع عَلى مَا اتَّفَقْنَا عَليهِ، وَيعذُر بَعضُنا بَعضًا فِيما اخْتَلَفنَا فِيه، فَمهِمَّتُهم التَّجمِيع فَقط، وَلا يَحصُل الاجْتِمَاع الصَّحيحُ إلا علَى التَّوحِيد.

وأمَّا الاجْتِمَاع عَلى غَيرِ التَّوحيدِ فَمستَحِيلٌ وَلو تَظَاهرُوا بِه، ﴿تَحۡسَبُهُمۡ جَمِيعٗا وَقُلُوبُهُمۡ شَتَّىٰۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَوۡمٞ لَّا يَعۡقِلُونَ [الحشر: 14]، فالاجتِمَاعُ الحَقيقِيُّ هوَ اجْتِمَاع القُلوبِ، وَما عدَاهُ فَهُو اجْتِمَاع صُورِيٌّ.


الشرح