وكل رَسُول من الرُّسُل افْتتح دَعوته
بِالدُّعَاءِ إِلَى عبَادَة الله، كَقَوْل نوح وَمن بعده عَلَيْهِم السَّلاَم: ﴿ٱعۡبُدُواْ
ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ﴾ [المؤمنون: 32].
****
قَال
تَعَالى: ﴿وَلَقَدۡ أُوحِيَ إِلَيۡكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن
قَبۡلِكَ لَئِنۡ أَشۡرَكۡتَ لَيَحۡبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [الزمر: 65]، فَالشِّركُ لَو وَقَع مِن أَيِّ أَحَد،
نَبيًّا كَان أَو مَلكًا أَو غَيرِ ذَلكَ، فَإنَّه يُحبِط أَعمَالَه، نَسألُ اللهَ
العَافيَة، وَلهَذا قَال: ﴿قُلِ
ٱللَّهَ أَعۡبُدُ مُخۡلِصٗا لَّهُۥ دِينِي ١٤فَٱعۡبُدُواْ مَا شِئۡتُم مِّن دُونِهِۦۗ
قُلۡ إِنَّ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَأَهۡلِيهِمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ
أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡخُسۡرَانُ ٱلۡمُبِينُ ١٥﴾،
هَذا أَمر تَهدِيد لَهُم وَوعِيد، لاَ أَمر إِباحَة كَما يَقُوله مَن
يَدَّعي حُرِّيَّة الاعْتقَاد وَحرِّيَّة التَّعْبير اليَوم.
قالَ
الشَّيخُ: «وَكُلُّ
رَسُول مِن الرُّسلِ افْتَتَح دَعوَتَه بِالدُّعاء إِلى عِبَادَة اللهِ»، وأوَّلُهم
نُوح عليه السلام، قَالَ تَعَالى: ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ فَقَالَ
يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ أَفَلَا
تَتَّقُونَ﴾ [المؤمنون: 23]، وكَذَا
هُود عليه السلام قَال لِقَومه: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ﴾، وكَذَا صَالحُ عليه السلام قَال لِقومِه: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ
مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓۚ﴾،
وإِبرَاهِيم عليه السلام قَال لِقومِه: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ
لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ﴾
[العنكبوت: 16]، وشُعيْب عليه السلام قَال لِقَومه: ﴿يَٰقَوۡمِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ
غَيۡرُهُۥۖ وَلَا تَنقُصُواْ ٱلۡمِكۡيَالَ وَٱلۡمِيزَانَۖ﴾
[هود: 84].
فكُلُّ
نَبيٍّ يَقولُ لِقومِه أَوَّل مَا يَبدَأ: ﴿ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ﴾،
فَيبدَأ بالتَّوحِيد، وَهَكذا أتْبَاع الرُّسُل أَوَّل مَا يَبدَؤونَ بِالدَّعوة
إِلى التَّوحِيد وَإصْلاح العَقيدَة، ثُمَّ بَعد ذَلكَ يَتوَجَّهُون إِلى إصْلاَح
بَقيَّة أُمور الدِّينِ.