لأنَّه التَّصْدِيقُ بالقلب، وهذا لا تَفَاضُلَ
فيه؛ فَهَذَا رَدٌّ عَلَيْهِم، فالإيمَانُ يَتَفَاضَلُ، بَعْضُهُ أَكْمَلُ مِنْ
بَعْضٍ، حَتَّى في القَلْبِ، وَكَذَلِكَ في الأَعْمَالِ.
قَوْلُهُ:
«وَلِهَذَا كَانَتْ رُبُوبِيَّةُ الرَّبِّ
لهم فيها عُمُومٌ وَخُصُوصٌ؛ فربوبيَّته للمؤمنين ربوبيَّة خاصَّة، وربوبيَّته
للكفَّار ربوبيَّة عامَّة»: وَلِكَوْنِ المُؤْمِنِينَ يَتَفَاضَلُونَ في
الإيمان فمنهم المُخْلِصُ الإخلاص التَّامَّ الَّذي لا يَقَعُ فيه شِرْكٌ،
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقَعُ منه شِرْكٌ خَفِيٌّ وهو الشِّرْكُ الأَصْغَرُ.
ولهذا قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ». قالوا: وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ يَا رَسُولَ الله؟ قال: «الرِّيَاءُ» ([1])؛ «فَإِنَّهُ أَخْفَى مِنْ دَبِيبِ النَّمْلِ» ([2]). وَفِي حَدِيثٍ آَخَرَ: «الشِّرْكُ الخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنَ صَلاتَهُ؛ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» ([3]). فالشِّرْكُ الأَصْغَرُ قد يَحْصُلُ مِنَ المُؤْمِنِ؛ ولذلك يَجِبُ الحَذَرُ منه، وقد خَافَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على الصَّحَابَةِ.
([1]) أخرجه: أحمد رقم (23630).