وَقد قَالَ تَعَالَى: ﴿فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ
وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾
[المائدة: 54]
****
قال
الله جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ
مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾ وعلاماتهم:
أولاً:
أنَّهم أَذِلَّةٌ على المؤمنين، أَعِزَّةٌ على الكَافِرِينَ، يُجَاهِدُونَ فِي
سَبِيلِ الله، ولا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ. ﴿ذَٰلِكَ فَضۡلُ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ
وَٰسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [المائدة:
54].
الشَّاهد
في قوله: ﴿يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾؛
يُحِبُّهُمُ الله جل وعلا وهم يحبُّون الله؛ فَمِنْ أَعْظَمِ صِفَاتِهِم محبَّتهم
لله، ومحبَّة الله لهم، وَمِنْ صِفَاتِهِم أيضاً أنَّهم:
﴿أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ﴾؛
يعني: يَلِينُونَ لإخوانهم المؤمنين، ولا يتكبَّرون عليهم، بل يتواضعون لهم.
ثانيًا:
أنَّهم: ﴿أَعِزَّةٍ
عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ فيهم
قوَّة على الكافرين؛ فَيُبْغِضُونَهم ويُعَادُونهم ويقاتلونهم؛ لأنَّهم يبغضونهم
في الله عز وجل.
ثالثًا:
أنَّهم ﴿يُجَٰهِدُونَ
فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ﴾؛ أَيْ:
يبذلون أنفسهم وأموالهم لأجل إرضاء الله سبحانه وتعالى ولأَجْلِ إعلاء كَلِمَتِهِ،
وكون المسلم يبذل نَفْسَهُ في سبيل الله ويُعَرِّضُ حياته للقتل والخطر وَيَدْخُلُ
المعركة بالسِّلاح دَلِيلٌ على صِدْقِ محبَّته لله عز وجل وأنَّه يُحِبُّ اللهَ
أَكْثَرَ مِمَّا يُحِبُّ نَفْسَهُ، ولذلك قدَّم نَفْسَهُ لله.
رابعًا: وأنَّهم ﴿وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖۚ﴾: لأنَّهم سَيَلْقَوْنَ من يَنْتَقِصُهُم، وَمَنْ يَلُومُهُم، ومن يتكلَّم فيهم وَيَسْتَخِفُّ عُقُولَهم، ولكن لا يَلْتَفِتُونَ
الصفحة 66 / 397