وَقَدْ ذَكَرَهُمُ الله في قوله تعالى: ﴿لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ
وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ
حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن
سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ﴾
[التوبة: 91].
أَخْبَرَ
عنهم صلى الله عليه وسلم أنَّهم يَسِيرُونَ مع المُجَاهِدِينَ وهم في المدينة؛ ما
قَطَعُوا وادياً إلاَّ وهم معهم؛ بنيَّاتهم، وعزائمهم، فَنَالُوا مِثْلَ أَجْرِ
المُجَاهِدِينَ بالنِّيَّة الطَّيِّبة.
وقد
يَنَالُ مِثْلَ أجر العامل إذا كان قد دَعَا إلى هُدىً. قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً، كَانَ لَهُ مِنَ
الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ
أُجُورِهِمْ شَيْئًا؛ وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الوِزْرِ
مِثْلُ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ
شَيْئًا».
وهذا
في الدَّعوة إلى الله؛ فمن دعا إلى الله سبحانه وتعالى واستجاب له من استجاب،
فإنَّه يُكْتَبُ له أُجُورُ مَنْ تَبِعَهُ إلى يوم القيامة، وفي مقدِّمتهم رَسُولُ
الله صلى الله عليه وسلم؛ يُكْتَبُ له مثل أُجُورِ أُمَّتِهِ مِنْ أَوَّلِ الأمَّة
إلى آَخِرِهَا، وعلى العَكْسِ - والعِيَاذُ بالله - مَنْ دَعَا إلى ضلالة، فإنَّه
يكون عليه إِثْمُهَا، وَإِثْمُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، إلى يَوْمِ القيامة.
فَدُعَاةُ
الضَّلالِ يَحْمِلُونَ مِثْلَ أوزار مَنْ تَبِعَهُم؛ قال الله تعالى: ﴿لِيَحۡمِلُوٓاْ
أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِينَ
يُضِلُّونَهُم بِغَيۡرِ عِلۡمٍۗ﴾
[النحل: 25]؛ فيُكْتَبُ عليهم مِنَ الإثم مِثْلُ إِثْمِ مَنِ اقْتَدَى بهم إلى يوم
القيامة؛ فالإِنْسَانُ يكون قُدْوَةً؛ إمَّا في الخَيْرِ، وإمَّا في الشَّرِّ.
الصفحة 7 / 397