وَمثل هَذَا فِي القُرْآن كثير.
وَقد وصف
فِرْعَوْن بالشرك فِي قَوْله: ﴿وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ مِن
قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ﴾ [الأعراف: 127].
****
قَولُه: «وَمِثلُ هَذا فِي القُرآنِ كَثيرٌ»: أي: مَا قَصَّه اللهُ عَن
الجَبَابرَةِ وَالطُّغاةِ، كَقصَّةِ النَّمرودِ مَع إِبراهِيمَ عليه السلام،
وَقِصةُ الكُفَّار مَع مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَإنَّ مَآلَ الطُّغَاة
والبُغَاة والمُستكْبِرينَ وَاحدٌ، وَهُو الخَسَار والبَوارُ، وَأنَّ العَاقبَةَ
لِلمتَّقِين فِي كُلِّ زَمانٍ، وَلكنْ هَذَا يَحتاجُ إِلى جِهادٍ وَإِلى صَبرٍ،
وَإلى انْتِظَار النَّصْر مِن اللهِ عز وجل وَعَدم اليَأسِ، وَإلا فَالعَاقبَة
لِلمتَّقِين.
*
لَقدْ وَصفَ اللهُ فِرعونَ بِالشِّركِ، وَذَلك فِي قَولِه تَعَالى: ﴿وَقَالَ ٱلۡمَلَأُ
مِن قَوۡمِ فِرۡعَوۡنَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوۡمَهُۥ لِيُفۡسِدُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ
وَيَذَرَكَ وَءَالِهَتَكَۚ﴾
[الأعراف: 127]، وَفي قِراءَة «إِلاهَتَكَ»
يَعني: وَعِبَادَتَكَ، وَالإلَه هُو: المَعبُود، فَهُم عَبَدوا فِرعَونَ
وَأحبُّوهُ حُبَّ عِبَادة واتَّخَذُوه رَبًّا، وذَلكَ شِركٌ بِاللهِ؛ فَهوَ أَشركَ
نَفسَه مَع اللهِ جل وعلا، وَقَومُه جَعلُوه شَريكًا لِلهِ وَخوَّفُوا فِرعَون مِن
أَن يَسلُبَه إِلهِيَّتَه لَمَّا دَعاهُ وَقومَه إِلى عِبادَة اللهِ.