فَجعل الكبر مُقَابلاً للإْيمَان فَإِن الكبر
يُنَافِي حَقِيقَة العُبُودِيَّة كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح عَن النَّبِي صلى الله
عليه وسلم أَنه قَالَ: «يَقُولُ اللهُ: العَظَمَةُ إِزَارِي وَالكِبْرِيَاءُ
رِدَائِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا عَذَّبْتُهُ» ([1])، فالعظمة
والكبرياء من خَصَائِص الربوبية، والكبرياء أَعلَى من العظمة؛ وَلِهَذَا جعلهَا
بِمَنْزِلَة الرِّدَاء، كَمَا جعل العظمة بِمَنْزِلَة الإِزَار.
****
قَوْلهُ:
«فَجعَل الكِبرَ مُقابِلاً لِلإيمَان»:
وَهُو الكِبر الذِي لاَ يَدخُل صَاحِبه الجَنَّة.
قَولُه:
«فإِنَّ الكِبرَ يُنافِي حَقيقَةَ
العُبودِيَّة»: فَالكبرُ الذِي يَمنَع دُخولَ الجَنَّة، هُو الكِبرُ الذِي
يُقابِل الإِيمَان، وَاللهُ جل وعلا أَخبرَ أنَّ النَّارَ مَثوى لِلمُتكبِّرينَ،
قَال تعَالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي
سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾
[غافر: 60]، ﴿قِيلَ ٱدۡخُلُوٓاْ
أَبۡوَٰبَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَاۖ فَبِئۡسَ مَثۡوَى ٱلۡمُتَكَبِّرِينَ﴾ [الزمر: 72].
وَقَولُه صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللهُ: العَظَمَةُ إِزَارِي، وَالكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا عَذَّبْتُهُ»، فَلاَ يجوزُ لِلعبدِ أنْ يُنازِع اللهَ هَاتينِ الصِّفتيَن العَظيمتَينِ: العَظمةُ والكِبرياءُ، قَال تَعَالى: ﴿وَلَهُ ٱلۡكِبۡرِيَآءُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ﴾ [الجاثية: 37]، فَلَه الكِبرياءُ عَلى حَقٍّ، كِبرِيَاء بِحقٍّ، أَمَّا كِبرياءُ العَبد فَهِي كِبريَاء بِغيرِ حَقٍّ، انْظُر الفَرق بَينهُما، فَاللهُ جل وعلا لَه الكِبرِياءُ وَهوَ الكَبيرُ المُتعالُ؛ لأنَّ هَذا بِحقٍّ، وَأمَّا العَبد فَليسَ لَه حَقٌّ فِي الكِبريَاء فَلا يُنازِع اللهَ عز وجل.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (7510)، ومسلم رقم (91).