×
شرح كتاب العبودية

العَالمين، ومليكهم يصرفهم كَيفَ يَشَاء، وَهُوَ خالقهم كلهم وبارئهم ومصورهم، وكل مَا سواهُ فَهُوَ مربوب، مَصْنُوع، مفطور، فَقير، مُحْتَاج، معبد، مقهور، وَهُوَ الوَاحِد القهار الخَالِق البارئ المصور.

****

 أَمَّا الإِسْلامُ الذِي هُوَ الخُضوعُ لأِقدَارِ اللهِ الكَونيَّةِ فَهوَ عَامٌّ لِجميعِ الخَلقِ، وهُوَ إِسلامٌ اضْطِرارِيٌّ، وَلهَذا قَال الشَّيْخ: «لَيسَ لأِحَدٍ مِن المَخلُوقَات خُروجٌ عَمَّا شَاءهُ وَقدَّره وَقَضاه»؛ فَكُلُّ الخلْقِ عِبادٌ للهِ مُؤمِنهُم وَكافِرُهُم، وَلكِن مِنهُم مَن هُوَ عَبدٌ للهِ بِاخْتِيارِه وَطوعِهِ، وَمنْهُم مَن هُوَ عَبدٌ للهِ بِغيرِ اخْتِيارِه وَطوعِهِ.

قَال تَعَالى: ﴿إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا [مريم: 93]، فالعبُوديَّة قِسمَان: عُبوديَّةٌ عَامَّة يَدخُل فِيها كُلُّ المَخلوقَات، وَعُبوديَّة خَاصَّة تَكونُ لِلمؤمِنينَ.

وقَولُه: «وَلا حَوْل وَلا قُوَّة إِلا بِهِ»: أي: لاَ قُدرةَ مِن تَحوُّلٍ مِن حَالٍ إِلى حَالٍ إِلا بِاللهِ سبحانه وتعالى.

قَولُه: «وَهُو رَبُّ العالَمِين، وَمليكُهُم يَصرِفُهم كَيفَ يَشاءُ»؛ هُو رَبُّ جَميعِ العَالمِين، رُبوبيَّةً عَامَّة وَمليكُهُم فَلا أَحدَ يَخرُج عَن ربُوبيَّتِه، وَعَن مُلكِه، وَإنْ كَفَر، وَإنْ أشْرَكَ، وإنْ الحَدَ، لاَ يَخرُج عَن كَونِه عَبدًا للهِ العبُوديَّةَ العَّامَّة الاضْطرَارِيَّة.

لأِنَّه: «هُو خَالِقُهُم كُلِّهِم»: فَلا أَحد خَلقَهُم إِلا اللهُ، وَلم يَخلُقُوا أَنفُسَهُم، قَال تَعَالى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ [الزخرف: 87]، يَعتَرِفُون بِهذَا وَأنَّ أَحدًا لَم يَخلُقْهُم غَير اللهِ، وَلو ادُّعِيَ أنَّ أحَدًا يَخلقُ 


الشرح