×
شرح كتاب العبودية

فَبين أَن عَهده بِالإِمَامَةِ لاَ يتَنَاوَل الظَّالِم، فَلم يَأْمر الله سُبْحَانَهُ أَن يكون الظَّالِم إِمَامًا وَأعظم الظُّلم الشّرك.

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ إِبۡرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةٗ قَانِتٗا لِّلَّهِ حَنِيفٗا وَلَمۡ يَكُ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ [النحل: 120، وَ«الأمة» هُوَ معلم الخَيْر الَّذِي يؤتم بِهِ، كَمَا أَن «القدْوَة» الذي يقْتَدى بِهِ.

****

 الشِّركِ، قَالَ: ﴿يَٰبُنَيَّ لَا تُشۡرِكۡ بِٱللَّهِۖ إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ [لقمان: 13].

قولُه: «وَإبْرَاهيمُ الخَليلُ إِمامُ الحُنفَاء المُخلَصِين؛ حَيثُ بُعثَ وَقَد طَبَّق الأَرضَ دِينُ المُشرِكِين»، فَقد بُعِث فِي أُمَّة وَثنِيَّةٍ تَعبد الكَواكِبَ، ومَلِكُهم النَّمرُود فَلمَّا أَفحَمَه إِبراهيمُ وَقوَّمَه بِالحُجَّة والبُرهَان عَلى بُطلانِ الشِّرك، قَال اللهُ تَعَالى لَهُ: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِيۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ [البقرة: 124].

لَمَّا قَال لَه: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامٗاۖ أي: قُدْوة فِي التَّوحِيد وَالدَّعوَة طَلَب لِذرِّيَّتِه الإِمامَةَ مِن بَعدِه، قَال اللهُ جل وعلا لَهُ: ﴿لَا يَنَالُ عَهۡدِي ٱلظَّٰلِمِينَ، فاسْتَثنَى اللهُ مِنهُم الظَّالِم فَلا يَكُون إِمَامًا، وإنَّما الإِمامة لِغَير الظَّالِم مِنهُم.

«فبَيَّنَ أنَّ عَهدَه بِالإمَامَة لاَ يتنَاوَل الظَّالمَ، فَلم يَأمر اللهُ سُبحانَه أَن يَكون الظَّالِم إمَامًا، وَأعظَمُ الظُّلْمِ الشِّرْكُ»؛ أمَّا الظُّلمُ الذِي دُونَ الشِّركِ فَقد يَقعُ مِن بَعضِ الوُلاةِ ولا يَمنَع مِن إِمَامَتهِم وَطاعَتِهم، وَإنَّمَا المَقصُود هُنا الشِّركُ، فَالمُشركُ لاَ يَكون إِمامًا وَإن كَان مِن ذُرِّيَّة إِبرَاهيمَ.


الشرح