ورد على أشباه المُشْركين. وَفِيه ردٌّ على
الرافضة الَّذين يبخسون الصِّدِّيقَ حَقَّه، وهُم أعظَم المُنتسِبين إِلَى
القبْلَة إشراكًا بالبشر.
و«الخلة» هِيَ
كَمَال المحبَّة المستلزمة من العَبْد كَمَال العُبُودِيَّة لله، وَمن الرب
سُبْحَانَهُ كَمَال الربوبية لِعِبَادِهِ الَّذين يُحِبهُمْ وَيُحِبُّونَهُ،
****
لِذَلكَ
نَفَوا أنْ يَكُون اللهُ يُحبُّ أَحدًا مِن خَلقِهِ، وَهَذا مُخالفٌ لِقولِه
تعَالَى: ﴿فَسَوۡفَ
يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ﴾
[المائدة: 54]، فَأثبَتَ أنَّه يُحبُّهمْ وَيحبُّونَه.
قولُهُ:
«وَفِي ذَلكَ تَحقيقُ تَوحِيدِ الله»؛
أي: فِي النَّهي عَن اتِّخَاذ القُبورِ مَساجِد تَحقِيقُ التَّوحِيد، وَتحقِيقُ
التَّوحيدِ: تَصفِيَتُه مِن الشِّركِ والبِدَع، وَفِي ذَلكَ كَمالُ التَّوحِيدِ.
فَهُناكَ
تَوحيدٌ وَهناكَ تَحقيقُ التَّوحِيدِ، فَالمُؤمنونَ كُلهُم مُوحِّدون وَلله
الحَمدُ، وَلكن لَمْ يُحقِّقِ التَّوحِيدَ مِنهُم إِلا القَليلُ، الذِين بَلَغُوا
مَرتَبةَ السَّابِقينَ المُقرَّبِين، وَهُم الذِينَ حَققُوا التَّوحيدَ، وَمن
حَققَ التَّوحِيدَ دَخل الجَنَّة بِلا حِسابٍ وَلا عَذَابٍ، أمَّا بَقيَّة
المُوحِّدِين فَهمْ يَدخُلون الجَنَّة وَلكنْ قَد يَكُون هُناكَ حِسابٌ وَهُناك
عَذابٌ، ثُمَّ يَدخلونَ الجَنَّة بَعدَه.
وقَوْلُه:
«وَرَدٌّ عَلى أشْبَاه المُشرِكينَ»:
أشْباهُ المُشرِكينَ الذِينَ هُم يُسَوِّغُون الصَّلاةَ عِندَ القُبورِ،
وَيُسَوِّغُون البِدع والمُحْدَثات.
قولُهُ:
«وَفيهِ رَدٌّ عَلى الرَّافِضَة الذِين
يَبخَسُون الصِّدِّيقَ حَقَّه، وَهُم أَعظَمُ المُنتَسِبينَ إِلى القِبلَة
إِشْراكًا بِالبَشَر»؛ الرَّافِضَة مِن فِرَق الشِّيعَة وَهُم الذِينَ
يَسبُّونَ أَبا بكْرِ الصِّدِّيق رضي الله عنه وَينتَقِصُونَه، مَع أنَّ
الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم قَال
الصفحة 3 / 397