×
شرح كتاب العبودية

وَسَأَلَهُ عَمْرو بن العَاصِ: «أَي النَّاس أحب إِلَيْك؟ قَالَ: «عَائِشَة». قَالَ: فَمن الرِّجَال؟ قَالَ: «أَبُوهَا»» ([1])، وَقَالَ لعَلي رضي الله عنه: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ» ([2])، وأمثال ذَلِك كثير.

وَقد أخبر تَعَالَى أَنه يحب المُتَّقِينَ، وَيُحب المُحْسِنِينَ، وَيُحب المقسطين، وَيُحب التوابين، وَيُحب المتطهرين، وَيُحب الَّذين يُقَاتلُون فِي سَبيله صفًا كَأَنَّهُمْ بُنيان مرصوص، وَقَالَ: ﴿فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ [المائدة: 54]. فقد أخبر بمحبته لِعِبَادِهِ المُؤمنِينَ، ومحبة المُؤمنِينَ لَهُ حَتَّى قَالَ: ﴿وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَشَدُّ حُبّٗا لِّلَّهِۗ [البقرة: 165]، وَأما الخلَّة فخاصة. وَقَول بعض النَّاس: إِن مُحَمَّدًا حبيب الله؛ وَإِبْرَاهِيم خَلِيل الله، وظنه أَن المحبَّة فَوق الخلَّة قَول ضَعِيف، فَإِن مُحَمَّدًا أَيْضًا خَلِيل الله كَمَا ثَبت ذَلِك فِي الأَحَادِيث الصَّحِيحَة المستفيضة. وَمَا يرْوى: «أَن العَبَّاس يحْشر بَين حبيب وخليل»، وأمثال ذَلِك، فأحاديث مَوْضُوعَة لاَ تصلح أَن يعْتَمد عَلَيْهَا.

****

  قولَهُ: «وَسَأَلَهُ عَمْرُو بْنُ العَاصِ أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ». قَالَ: فَمِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُّوهَا»، وَقَالَ: «لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ»»: فَهذَا فِيهِ دَليلٌ عَلى أنَّ


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3662).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3009)، ومسلم رقم (2406).