×
شرح كتاب العبودية

وَ«السُّكْرُ» هُوَ لَذَّةٌ مَعَ عَدَمِ تَمْيِيزٍ. وَلِهَذَا كَانَ بين هَؤُلاَءِ مَنْ إِذا صَحَا، اسْتغْفر مِنْ ذَلِك الْكَلاَم. وَالَّذين توسَّعوا من الشُّيُوخ فِي سَمَاعِ القصائد المتضمِّنة للحبِّ والشَّوْقِ واللَّوم والعَذْلِ والغَرَامِ، كَانَ هَذَا أَصْلَ مَقْصِدِهِم. وَلِهَذَا أَنْزَلَ اللهُ للمَحَبَّةِ مِحْنَةً يُمْتَحَنُ بهَا الْمُحِبُّ فَقَالَ: ﴿قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ [آل عمران: 31]؛ فَلاَ يَكُونُ محبًّا لله إِلاَّ مَنْ يتَّبعُ رَسُولَهُ، وَطَاعَة الرَّسُول ومُتَابَعَتُه تحقِّق الْعُبُودِيَّةَ، وَكثِيرٌ مِمَّنْ يَدَّعِي الْمَحبَّةَ يَخْرُجُ عَنْ شَرِيعَتِه وَسُنَّتِهِ، وَيَدَّعِي مِنَ الخَيَالاتِ مَا لاَ يَتَّسِعُ هَذَا الْمَوْضِعُ لِذِكْرِهِ، حَتَّى قَدْ يَظُنُّ أَحَدُهُمْ سُقُوطَ الأَْمْرِ، وَتَحْلِيلَ الْحَرَامِ لَهُ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ مُخَالفَةُ شَرِيعَةِ الرَّسُولِ وَسُنَّتِهِ وَطَاعَتِهِ،

****

قولُهُ: «وَإِمَّا غَلَطٌ مِنْهُمْ»؛ إِذَا كَانُوا قَالوهَا فِإنَّه لَن يَصلَ أَحدٌ مِن الخَلقِ إِلى هَذهِ الدَّرَجة.

قولُه: «وَمِثْلُ هَذَا قَدْ يَصْدُرُ فِي حَالِ سُكْرٍ وَغَلَبَةٍ وَفَنَاءٍ يَسْقُطُ فِيهَا تَمْيِيزُ الإنْسَانِ؛ أَوْ يَضْعُفُ حَتَّى لاَ يَدْرِيَ مَا قَالَ»؛ أي: لاَ يَقولُ مَقالَة الصُّوفيَّة هَذهِ إِنسَان عِندَه عَقلٌ، بَل يَقولُه إِمَّا إنْسَان مَجنونٌ، وَإمَّا إِنسانٌ سَكران يَهذِي بِمَا لا يدْرِي.

أمَّا العَاقِل فَلا يَقُول هَذِه المَقالَة فَضْلاً عَنِ المُؤمِن، وَلكِن الضَّلال يَتَمادى بالإنْسَان إِلى مَا هُو أَغرَب مِن ذَلكَ، فَالفَناءُ عِندَ الصُّوفيَّة حَالٌ يَبلغُ فِيها الصُّوفِيُّ درَجَة لاَ يَدرِي فِيهَا مَا يَقُول، وَلا يتصَوَّر مَاذا يَنطِقُ بِهِ.

 قوله: «و«السُّكْرُ» هُوَ لَذَّةٌ مَعَ عَدَمِ تَمْيِيزٍ»: وَمِنْهُ سُكْرُ الصُّوفيَّة؛ فهو يُشْبِهُ سُكْرَ الخمر، بل سُكْرُ الصُّوفيَّة أَشَدُّ؛ حيث يَصِلُونَ 


الشرح