×
شرح كتاب العبودية

والكفَّار وهو لا يحبُّهم؛ فلا علاقة بين المحبَّة، وبين القضاء والقدر، إنَّما المحبَّة من لازم الشَّرع؛ فما شَرَعَهُ اللهُ، فإنَّه يُحِبُّهُ، وما قدَّره، فلا يلزم أنَّه يحبُّه.

قوله: «وَأَرَادُوا أَنَّ الْكَوْنَ كُلَّهُ قَدْ أَرَادَ الله وُجُودَهُ»: ليس هناك شَكٌّ أَنَّ الله أَرَادَ وُجُودَ الكون، لكن لا يحبُّه كلَّه.

قوله: «فَظَنُّوا أَنَّ كَمَالَ المحَبَّةِ أَنْ يُحِبَّ الْعَبْدُ كُلَّ شَيْءٍ، حَتىَّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعصْيَانَ»: لأنَّ الله خَلَقَهُ وَأَوْجَدَهُ، ولو لم يُحِبَّهُ، لم يَخْلُقْهُ، ولم يُوجِدْهُ؛ لأنَّهم لم يفهموا حِكْمَةَ الله سبحانه وتعالى ولم يفرِّقوا بين القَدَرِ والشَّرع.

* كلامهم كما أنَّه يخالف الشَّرع فإنَّه يخالف العقل أيضًا؛ إذ لا يُمْكِنُ لأحد أن يحبَّ كلَّ ما في الكون من الأشياء، بل يُحِبُّ أَصْدقَاءهُ وأقاربه، وَيُبْغِضُ أَعْدَاءَهُ، ولا يُحِبُّ العقارب والحَيَّات والسِّباع والوحوش، ولا يُحِبُّ السُّمَّ، ولا يُحِبُّ النَّارَ، والأشياء المُؤْذِيَة؟.

قوله: «بَلْ يُحِبُّ مَا يُلاَئِمُهُ وَيَنْفَعُهُ وَيُبْغِضُ مَا يُنَافِيهِ وَيَضُرُّهُ»: يُحِبُّ ما يلائم نَفْسَهُ وَطَبَائِعَهُ، وأمَّا ما يخالف طبيعته وَذَوْقَهُ أو يَضُرُّهُ، فإنَّه يُبْغِضُهُ مِنْ حَيْثُ العَقْلِ، فكيف الشَّرع؟


الشرح