وَمَنْ كَانَ بهم أَشْبَهَ، كَانَ ذَلِك فِيهِ
أَكْمَلَ؛ فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْمٍ يَدَّعُونَ الْمحبَّة؟!
وَ«فِي» كَلاَم
بَعْضِ الشُّيُوخِ: الْمَحَبَّةُ نَارٌ تَحْرِقُ فِي الْقَلْبِ مَا سِوَى مُرَادِ
المَحْبُوبِ. وَأَرَادُوا أَنَّ الْكَوْنَ كُلَّهُ قَدْ أَرَادَ اللهُ وُجُودَهُ،
فَظَنُّوا أَنَّ كَمَالَ الْمَحَبَّةِ أَنْ يُحِبَّ العَبْدُ كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى
الْكفْر والفُسُوق والعِصْيَان.
وَلاَ يُمَكَّنُ
أَحَدٌ أَن يُحِبَّ كُلَّ مَوْجُودٍ، بل يُحِبُّ مَا يُلائِمُهُ وَيَنْفَعُهُ،
وَيُبْغِضُ مَا يُنَافِيهِ وَيَضُرُّهُ،
****
﴿وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ
ءَامَنُواْ﴾، وَمِنْ سَلامَةِ
أَلْسِنَتِهِم يَقُولُونَ: ﴿رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ
سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ﴾
[الحشر: 10]، وَهَذَا هُوَ قَدْرُ الصَّحَابَةِ في صدور المؤمنين؛ بِخِلافِ
المنافقين، ومنهم الرَّافضة الَّذين يُبْغِضُونَ صحابة رسول الله، ويسبُّونهم.
وقول
الشَّيخ: «وَمَنْ كَانَ
بِهِمْ أَشْبَهَ، كَانَ ذَلِكَ فِيهِ أَكْمَلَ»: أي: مَنْ كَانَ بالصَّحَابَةِ
أَشْبَهَ، كَانَتْ مَحَبَّةُ الله في قَلْبِهِ أَكْمَلَ.
قوله: «و«فِي» كَلاَمِ بَعْضِ الشُّيُوخِ...» إلى آخِرِهِ: يَعْنِي كَلامَ
شُيُوخِ الصُّوفيَّة؛ أنَّهم يَقُولُون: المحبَّة نَارٌ تُحْرِقُ في القَلْبِ
كُلَّ ما سِوَى الله، وَمَا أَرَادَهُ الله، حتَّى الكفر يَقُولُونَ: يُحبُّهُ
الله، وَلَوْ لَمْ يُحِبَّهُ، لم يُرِدْهُ، ولم يُقَدِّرْهُ؛ فلم يفرِّقوا بَيْنَ
القَضَاءِ والقَدَرِ، وَبَيْنَ المحبَّة، ولم يَعْلَمُوا أنَّ الله يُقَدِّرُ
وَيَخْلُقُ ما لا يُحِبُّ؛ ابْتِلاءً وامتحانًا؛ فَقَدْ قدَّر الكفر والشِّرك وهو
لا يُحِبُّ ذلك، وقدَّر وجود المشركين