×
شرح كتاب العبودية

 يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ [الحشر: 9]، ثمَّ قال لمن يأتي بعد المهاجرين والأنصار:

﴿وَٱلَّذِينَ جَآءُو مِنۢ بَعۡدِهِمۡ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ [الحشر: 10].

ثمَّ ذَكَرَ أَنَّ المنافقين على العكس؛ يُوَالُونَ الكُفَّارَ، وَيُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ؛ ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لِإِخۡوَٰنِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَئِنۡ أُخۡرِجۡتُمۡ لَنَخۡرُجَنَّ مَعَكُمۡ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمۡ أَحَدًا أَبَدٗا وَإِن قُوتِلۡتُمۡ لَنَنصُرَنَّكُمۡ وَٱللَّهُ يَشۡهَدُ إِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ [الحشر: 11]... إلى آَخِرِ الآيَات.

فالكفَّار والمنافقون يُبْغِضُونَ الله وَرَسُولَهُ، وَيُبْغِضُونَ المؤمنين عن بَكْرَةِ أبيهم، وَهُوَ أَمْرٌ بَاقٍ إلى أن تَقُومَ السَّاعَةَ، أمَّا المؤمنون الصَّادقون فإنَّهُمْ يَتَحَابُّونَ في الله، وَيُحِبُّونَ إِخْوَانَهُمُ الَّذِينَ سَبَقُوهُمْ بالإيمَانِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَيُثْنُونَ عَلَيْهِم، وَيَدْعُونَ لهم بالمغفرة، ولا يَجِدُونَ لهم أيَّ حِقْدٍ أو غِلٍّ في صدورهم، أو حَسَدٍ، أو بُغْضٍ؛ فهم يَدْعُونَ الله أن يطهِّر قلوبهم من الغِلِّ على إخوانهم؛ ﴿وَلَا تَجۡعَلۡ فِي قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ [الحشر: 10].

وَلِهَذَا يَقُولُ شَيْخُ الإسلام ابْنُ تيميَّة رحمه الله في «العقيدة الوسطيَّة»: «وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعة سَلامَةُ قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رَسُولِ الله، كما وَصَفَهُمُ الله به»؛ فَسَلامَةُ قلوبهم أنَّهم يَقُولُون:


الشرح