ويحبُّون الكفَّار، ويقولون: لأنَّ الله
أَوْجَدَهُمْ وَخَلَقَهُم. فَهَذَا دَلِيلٌ على محبَّة الله لهم، وَيُغَالِطُونَ
في هذا؛ فَهُمْ أَشَدُّ ضلالاً من اليَهُودِ والنَّصارَى؛ لأنَّ اليَهُودَ
والنَّصَارَى لم يَدَّعُوا الإيمان بمحمَّد صلى الله عليه وسلم، بل كَفَرُوا به،
وهؤلاء يَدَّعُونَ أنَّهم مِنْ أَتْبَاعِ مُحَمَّدٍ، وَأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ،
وَهُمْ أَشَدُّ ضَلالاً مِنَ اليَهُودِ والنَّصَارَى.
قوله:
«لِمَا فِيهِمْ مِنْ النِّفَاقِ الَّذِينَ
هُمْ بِهِ في الدَّرْكِ الأَْسْفَلِ مِنْ النَّارِ»: وهو النِّفَاقُ الأكبر
الاعتقاديُّ؛ وهو: إظهار الإيمان، وَإِبْطَانُ الكفر، ولذلك صار في الدَّرْكِ
الأسفل من النَّار؛ فهم شَرٌّ من اليهود والنَّصارى، وَشَرٌّ من المشركين،
وَعَبَدَةِ الأوثان؛ لأنَّ الكفَّار صرَّحوا بكفرهم، وَعَدَاوَتِهِم لله ولرسوله؛
أمَّا هؤلاء فيدَّعي أَحَدُهُم أنَّه يُؤْمِنُ بالله ورسوله، وهو كَذَّابٌ.
قال
تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَبِٱلۡيَوۡمِ
ٱلۡأٓخِرِ وَمَا هُم بِمُؤۡمِنِينَ ٨يُخَٰدِعُونَ ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ
وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ ٩﴾ [البقرة: 8- 9]، الكفَّار والمشركون لم يخادعوا، ولم
يدَّعوا الإيمان، بل صرَّحوا بالكفر، وأعلنوه، وهؤلاء ادَّعوا الإيمان، وأخفوا الكفر
في قلوبهم؛ فهم شَرٌّ من اليهود والنَّصارى، ومن المشركين، ولذلك صاروا في الدَّرك
الأسفل من النَّار، ولن تَجِدَ لهم نَصِيرًا، ﴿إِلَّا ٱلَّذِينَ تَابُواْ وَأَصۡلَحُواْ وَٱعۡتَصَمُواْ
بِٱللَّهِ وَأَخۡلَصُواْ دِينَهُمۡ لِلَّهِ فَأُوْلَٰٓئِكَ مَعَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ﴾ [النساء: 146].