×
شرح كتاب العبودية

وَكَثِيرٌ مِنَ المُخْطِئِينَ الَّذِينَ اتَّبعوا أشياخًا فِي «الزُّهْد وَالْعِبَادَة» وَقَعُوا فِي بَعْضِ مَا وَقعَ فِيهِ النَّصَارَى مِنْ دَعْوَى الْمَحَبَّةِ للهِ مَعَ مُخَالفَةِ شَرِيعَتِهِ، وَتَرْكِ المُجَاهَدَةِ فِي سَبيلِهِ وَنَحْوِ ذَلِك.

ويتمسَّكون فِي الدَّينِ الَّذِي يَتَقَرَّبُون بِهِ إِلَى الله بِنَحْوِ مَا تمسَّك بِهِ النَّصَارَى؛ مِنَ الْكَلاَمِ الْمُتَشَابِهِ، والحِكَايَاتِ الَّتِي لاَ يُعْرَفُ صِدْقُ قَائِلِهَا،

****

على قَدْرِ العَمَلِ؛ فإنَّ الله لا يَظْلِمُ أَحَدًا، فَيُعَذِّبُهُ بما لا يَسْتَحِقُّ؛ فجزاء السَّيِّئة سَيِّئَةٌ وَاحِدَةٌ؛ عَدْلاً مِنَ الله، وأمَّا الحَسَنَةُ، فَجَزَاءُهَا عَشْرٌ أو أكثر؛ فَضْلاً من الله.

وفي الحديث القدسيِّ: «مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبِ إِلَيَّ ذِرَاعًا، تَقَرّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي، أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً»؛ بِمَعْنَى أنَّ الله - سبحانه - يَجْزِي عَبْدَهُ أكثر مِنْ عَمَلِهِ، فَضْلاً منه سبحانه وتعالى.

ثمَّ قال الله: «لاَ يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بَالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ»؛ بمعنى أنَّ الله يسدِّده في سَمْعِهِ، وفي بَصَرِهِ، ويسدِّده في يَدِهِ وَرِجْلِهِ، فلا يستعمل هذه الحَوَاسَّ والجَوَارِحَ إلاَّ فيما يُرْضِي الله سبحانه وتعالى وفيما يَنْفَعُ العَبْدَ عِنْدَ الله سبحانه وتعالى.

أي: كَثِيرٌ مِنَ الصُّوفيَّة الَّذين يدَّعون العبادة اتَّبعوا شيوخهم في تَرْكِ ما أَمَرَ الله به، وَفِعْلِ ما نَهَى عنه، مع أنَّهم يدَّعون محبَّة الله؛ فهم مِثْلُ النَّصَارَى يدَّعون محبَّة الله ويُخَالِفُونَ شَرْعَهُ.


الشرح