وَلَوْ صَدَقَ، لَمْ يَكُنْ قَائِلُهَا مَعْصُومًا؛
فَيَجْعَلُونَ مَتْبُوعِيهِم شَارِعِينَ لَهُم دِينًا، كَمَا جَعَلَ النَّصَارَى
قِسِّيسِيهم وَرُهْبَانَهمْ شَارِعِينَ لَهُمْ دِينًا،
****
لأنَّ كلام الله يفسِّر بَعْضُهُ بَعْضًا، وكلام
الرَّسول صلى الله عليه وسلم يفسِّر بَعْضُهُ بَعْضًا، ويفسِّر القرآن، وَهَذِهِ
طريقة الرَّاسخين في العلم؛ أنَّهم ﴿يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ﴾؛ المُحْكَمُ والمُتَشَابِهُ كُلُّهُ كَلامُ الله،
فيفسِّر بَعْضُهُ بَعْضًا.
فالصُّوفيَّةُ
يعتمدون على المتشابه، ولا يردُّونه إلى المُحْكَمِ، أو يَعْتَمِدُونَ على
حِكَايَاتٍ مَكْذُوبَةٍ يتناقلونها عن فُلانٍ وَفُلانٍ، أو على أَحَادِيثَ
مَكْذُوبَةٍ على الرَّسول صلى الله عليه وسلم يَرْوُونَهَا، وَيَنْشُرُونَهَا. هذه
طريقتهم، أو عَلَى رُؤىً وَأَحْلامٍ وَمَنَامَاتٍ؛ وهي طَرِيقَةُ أَهْلِ الزَّيغ
وَأَهْلِ الضَّلالِ دائمًا وأبدًا؛ لا يَعْتَمِدُونَ على دَلِيلٍ صَحِيحٍ،
وإنَّمَا يَعْتَمِدُونَ على هذه الشُّبُهَاتِ.
قوله: «وَلَوْ صَدَقَ لَمْ يَكُنْ قَائِلُهَا مَعْصُومًا»: أَيْ: لو
صَدَقَتِ الحكاية وَنَحْوُهَا، فَلَيْسَتْ تَشْرِيعًا، ولا يجوز العمل بها؛ لأنَّ
صَاحِبَهَا ليس مَعْصُومًا.
قوله: «فَيَجْعَلُونَ مَتْبُوعِيهِمْ شَارِعِينَ لهُمْ دِينًا، كَمَا جَعَلَ النَّصَارَى قَسِّيسِيهِمْ وَرُهْبَانَهُمْ شَارِعِينَ لهُمْ دِينًا»: الصُّوفيَّةُ يتَّخذون مَشَايِخَهُم أَرْبَابًا مِنْ دُونِ الله يشرِّعون لهم، ولا يرجعون إلى دِينِ محمَّد صلى الله عليه وسلم، ولا إلى الكتاب والسُّنَّة، وإنَّما يرجعون إلى مشايخهم وإلى ما يقولون؛ مثلما أنَّ النَّصَارَى يرجعون إلى أحبارهم ورهبانهم؛ قال تعالى: