فـالدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا
إِلاَّ مَا كَانَ لله، وَلاَ يَكُونُ لله إِلاَّ مَا أحبَّه اللهُ وَرَسُولُهُ،
وَهُوَ الْمَشْرُوعُ؛ فَكلُّ عَمَلٍ أُرِيد بِهِ غير الله لم يَكُنْ لله،
****
دَلَّ
هَذَا على أنَّ المشركين لهم أعمال، ولكنَّها لمَّا كانت لا يُرَادُ بها وَجْهُ
الله، صَارَتْ هَبَاءً مَنْثُورًا؛ لا تنفعهم بشيء يوم القيامة. نسأل الله
العافية.
قوله: «فَالدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إلاَّ مَا كَانَ للهِ»:
هذا نَصُّ حديث ([1])
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومعنى «ملعونة»؛
أي: مذمومة؛ فهي مذمومة إذا كانت لا تستعمل في طاعة الله، أمَّا إذا كان يُستعان
بها على طاعة الله، فهي محمودة، والدُّنيا مَزْرَعَةٌ للآخرة؛ فَمَنِ اتَّخَذَهَا
وَسِيلَةً لعبادة الله واستعان بها على طاعة الله، تَكُونُ الدُّنيا بالنِّسبة له
محمودة.
وَمَنْ
عَكَسَ الأمر، واتَّخذ الدُّنيا لِذَاتِهَا، ولم يَسْتَعِنْ بها على عبادة الله،
ولم يَنْتَفِعْ بها في طاعة الله، فإنَّهَا تكون حَسْرَةً عليه يوم القيامة، ويخرج
منها وليس معه منها شيء؛ جاء إلى الدُّنيا عاريًا، وخرج منها عاريًا؛ ليس معه منها
شيء.
وَلَوْ كان تَرَكَ أَرْصِدَةً وعمارات وممتلكَات الدُّنيا، فإنَّه يخرج منها ليس معه إلاَّ الكَفَنَ الَّذي لا يساوي خمسة دراهم، لكن لو أنَّه لمَّا أغناه الله قدَّم لنفسه من هذه الدُّنيا صدقات، وقدَّم من هذه الخيرات في طاعة الله، وتقرَّب بها إلى الله، لَوَجَدَهَا أمامه.
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2322)، وابن ماجه رقم (2322)، والبزار رقم (1736).
الصفحة 3 / 397