وكُلُّ عَمَلٍ لاَ يُوَافق شَرْعَ الله، لم يَكُنْ
لله، بل لاَ يكون لله إِلاَّ مَا جَمَعَ الوَصْفَيْنِ:
****
قوله: «وَكُلُّ عَمَلٍ لاَ يُوَافِقُ شَرْعَ الله لَمْ يَكُنْ للهِ»: فالله
لا يَقْبَلُ إلاَّ ما وَافَقَ شَرْعَهُ، وما لم يشرِّعه فهو مردود، كما قال صلى
الله عليه وسلم: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً
لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([1]).
أي: مَرْدُودٌ عَلَيْهِ؛ فكلُّ عَمَلٍ لم يأمر به رسول الله يعمله الإنسان
ويتقرَّب به إلى الله، فهو مَرْدُودٌ عليه.
وقال
صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» ([2])؛
فلا بُدَّ أن يكون العمل من صدقات وصلوات وعبادات موافقًا لما شَرَعَهُ الله
تعالى، لا حَسَبَ ما يهواه المَرْءُ؛ فالإنسان قَبْلَ الشُّروع في العمل ينظر هل
هو موافق لشرع الله، أو مُخَالِفٌ، وهل هو مُخْلِصٌ لله فيه، أو غَيْرُ مُخْلِصٍ،
ثمَّ يَبْنِي أعماله على هَذَيْنِ الشَّرطين: الإخلاص والمتابعة.
«بَلْ لاَ يَكُونُ للهِ إلاَّ مَا
جَمَعَ الْوَصْفَيْنِ»: الوَصْفَانِ: الإخلاص - فلا يكون
فيه شِرْكٌ - والمتابعة للرَّسول صلى الله عليه وسلم؛ فلا يكون فيه بِدْعَةٌ.
بِهَذَيْنِ الشَّرطين يَقْبَلُ الله العمل؛ ما كان خالصًا لوجه الله، صوابًا على
سُنَّةِ رسول الله.
ولهذا فُسِّرَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ﴾ [الملك: 2]؛ لم يَقُلْ سبحانه: أيُّكم أكثر عملاً؛
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1718).