أَن يَكُونَ لله، وَأَن يكون مُوَافقًا لمحبَّة
الله وَرَسُوله، وَهُوَ الْوَاجِب وَالْمُسْتَحَبُّ، كَمَا قَالَ: ﴿فَمَن
كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا﴾ [الكهف: 110].
****
لأنَّ
العبرة ليست بالكثرة، ولكن العبرة بالأحسن، ﴿لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ﴾.
قيل
للفُضَيْلِ بن عياض رحمه الله: ما معنى ﴿لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ﴾ ؟ قال: «أَخْلَصُهُ
وَأَصْوَبُهُ». قيل: يَا أَبَا عَلِيٍّ مَا أخلصه وما أصوبه؟ قَال: «إِنَّ العَمَل إِذا كَانَ خَالصًا وَلم يكن
صَوَابًا لم يُقْبَلْ، وَإِذا كَانَ صَوَابًا وَلم يَكُنْ خَالصًا، لَمْ يُقْبَلْ
حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا، والخالص أَن يَكُونَ لله، وَالصَّوَابُ أَن
يَكُونَ على سنَّة رسول الله».
وها
هو معنى قول الشَّيخ: «أَنْ يَكُونَ للهِ، وَأَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لَمَحَبَّةِ اللهِ
وَرَسُولِهِ»؛ أَيْ: موافقًا لشرع الله؛ لأنَّ الله لا يَشْرَعُ شيئًا إلاَّ
وهو يحبُّه؛ فَمِنْ لازِمِ الشَّرْعِ المحبَّة، وليس من لازم القَدَرِ المحبَّة
كما هو معلوم؛ لأنَّ الله يقدِّر الأشياء الَّتي لا يحبُّها ابتلاءً وامتحانًا.
قوله:
«وَهُوَ الوَاجِب وَالمُسْتَحب»: أي:
الموافق لشرع الله إمَّا أن يكون واجبًا، والواجب هو: ما يُثاب فاعله، ويُعاقَبُ
تَارِكُهُ، أو مستحبًّا؛ وهو: ما يُثاب فاعله، ولا يُعاقب تاركه، مثل السُّنن
والمستحبَّات والنَّوافل.
قوله
تعالى: ﴿فَمَن
كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ
بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا﴾
[الكهف: 110]: هذان الشَّرطان:
الشرط
الأول: أن يكون العمل صالحًا، ولا يكون صالحًا إلاَّ إذا
الصفحة 3 / 397