×
شرح كتاب العبودية

وَقَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الأَْعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبهَا أَو امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» ([1]). وَهَذَا الأَصْلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ، وَبِحَسَبِ تَحْقِيقِهِ يَكُونُ تَحْقِيقُ الدَّينِ،

****

  قوله: «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ لَيْسَ لِلمُؤْمِنِ مِنْ عَمَلِهِ إلاَّ مَا نَوَى؛ لو تصدَّق بِجِبَالٍ مِنْ ذَهَبٍ، فما له إلاَّ ما نَوَى، ولو كان فِلْسًا، أَوْ دِرْهَمًا، وما لم يَنْوِهِ، فَلَيْسَ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ أَيْ إِنَّ ما نواه المؤمن لله فهو الَّذي يَبْقَى له، ولو كان قَلِيلاً، ولو كان شِقَّ تَمْرَةٍ؛ قال صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» ([2]). أمَّا ما لم يُخْلِصْهُ لله، فَهُوَ مَرْدُودٌ، وَلَوْ كَانَ أَمْثَالَ الجِبَالِ.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيِا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَى َما هَاجَرَ إلَيْهِ»: هَذَا مِثَالٌ يَشْرَحُ قَوْلَهُ: «إِنَّمَا الأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ فالهِجْرَةُ مِثَالٌ لِلعَمَلِ. ثمَّ قال صلى الله عليه وسلم: «وَمن كَانَت هجرته لدُنْيَا يُصِيبهَا أَو امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا فَهجرَته إِلى مَا هَاجر إِليْهِ»، وَلَيْسَتْ هِجْرَتُهُ إلى الله ورسوله.

قوله: «وَهَذَا الأَْصْلُ»؛ أي: الإخلاص لله عز وجل واتِّبَاعَ الرَّسول، «هُوَ أَصْلُ الدِّينِ» الَّذي أرْسَلَ بِهِ اللهُ الأَنْبِيَاءَ والمُرْسَلِينَ، وَأَنْزَلَ به الشَّرْعَ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (6540)، ومسلم رقم (1016).