قوله: «كَالْغُصْنِ أَيُّ نَسِيمٍ مَرَّ بِعِطْفِهِ
أَمَالَهُ»: مِثْلَ: غُصْنِ الشَّجَرَةِ؛ كلَّما جَاءَ نَسِيمٌ مِنَ
الهَوَاءِ، أَمَالَهُ شَمَالاً وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا؛ فَهُوَ لَيْسَ
ثَابِتًا، وَكَذَلِكَ القَلْبُ الَّذي ليس فيه الإخلاص؛ فإنَّه تُمِيلُهُ
العَوَارِضُ.
قوله:
«فَتَارَة تجتذبه الصُّور المحُرمة وَغير
المحُرمَة»: يعني: يَجْذِبُهُ العِشْقُ؛ إذا رَأَى النِّسَاءَ المتبرِّجات في
الأسواق والمحافل المختلطة أو في العمل الوظيفيِّ، فإنَّه يَنْجَذِبُ إليهنَّ.
قوله: «فَيَبْقَى أَسِيرًا عَبْدًا لمن لو اتَّخذهُ هُوَ عبدًا لهُ، لكَانَ ذَلك عَيْبًا وَنَقْصًا وَذَمًّا»: أَيْ يَكُونُ عَبْدًا لِمَنْ يُحِبُّ مِنَ المال وَغَيْرِهِ. وَلِذَلِكَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الخمِيصَةِ؛ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ» ([1])، كذلك الرَّجل إذا أَعْجَبَتْهُ المَرْأَةُ وَعَشِقَهَا، صَارَ عَبْدًا لها؛ يَخْضَعُ لِقَوْلِهَا، وَيُحَقِّقُ طَلَبَهَا، يَصِيرُ عَبْدًا لما يَهْوى. وَلِهَذَا قال جل وعلا: ﴿أَفَرَءَيۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَٰهَهُۥ هَوَىٰهُ﴾ [الجاثية: 23]؛ ما أَمْلاهُ عَلَيْهِ هَوَاهُ أَخَذَهُ، وَلَوْ كَانَ حَرَامًا. هَذَا الَّذي يَعْبُدُ هَوَاهُ.