من الله سبحانه وتعالى ويرجُوه، ولا يتعلق قلبُه
بالمخلوقين، وإنَّما يتعلق قلبُه بالله، فهو مع الله دائمًا وأَبدًا.
قوله:
«وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ: وَهُوَ «الْفَنَاءُ
فِي الموْجُودِ»: فَهُوَ تَحْقِيقْ آلِ فِرْعَوْنَ وَمَعْرِفَتُهُمْ
وَتَوْحِيدُهُمْ كَالْقَرَامِطَةِ وَأَمْثَالِهمْ»: هذا المعنى الثالث: وهو فناء
الوجُود، الأول: يسمونه فناء القُصود، وهو الطيب؛ والذي عليه الأنبياء والمرسلون،
وهو أن لا يقصد إلا اللهَ سبحانه وتعالى؛ والثاني: فناء الشُّهود، بحيث لا يُشَاهد
ولا يَنظر إلا إلى الأشياءِ التي تفيدُه وتعينُه على طاعة الله، وهو فناء الشهود،
والثالث -والعياذ بالله-: فناء الوجود.
وهذا
مذهب أهل وحدة الوجُود، وهو مذهب فرعونَ وأتباعِه، حيث قال: ﴿مَا عَلِمۡتُ
لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي﴾
[القصص: 38]، وقال: ﴿أَنَا۠
رَبُّكُمُ ٱلۡأَعۡلَىٰ﴾
[النازعات: 24]؛ فهم يقولون: إن المخلوقاتِ هي الله. وهو مذهب أهل وحدةِ الوجُود،
الذين يجعلون المخلوقاتِ هي الله - تعالى الله عما يقولون -؛ ولهذا يقولون: إنَّ
فرعونَ موحدٌ، ولكنه خصَّ الربوبية فيه، فيكون توحيده ناقصًا، ولو أنه عمَّم وقال:
كل الموجودات هي الله. لكان هذا هو التحقيق - تعالى الله عما يقولون -.
فالموحِّد
الذي لا يعبد إلا الله، ولا يرى ربًّا إلا الله عندهم مشرك، والمشرِك عندهم
موحِّد، أي: عكسُ الفِطرة، وعكس الدين.
قوله: «كَالْقَرَامِطَةِ وَأَمْثَالهِمْ»: القرامِطة باطنيةُ الشِّيعة، الذين منهم القرامطة الذين خرجوا على المسلمين في مكَّة، وقتلوا الحُجَّاج في المسجد الحرام، وألقوهم في بئر زمزم.
الصفحة 16 / 397