×
شرح كتاب العبودية

الأول: الفَنَاءُ الشَّرْعِيُّ: وهذا مَحْمُودٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّكَ لا تَأْخُذُ إلاَّ ما جَاءَ بِهِ الشَّرْعُ، ولا تَنْظُرُ إلى ما سِوَاهُ، بَلْ تَتْرُكُه، وَتَفْنَى عَنْهُ، وَتَعْتَبِرُهُ كَأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ.

الثاني: فَنَاءُ السِّوَى؛ وهو عند الصُّوفيَّة: إذا بَلَغَ الإِنْسَانُ غَايَةَ القُرْبِ من الله، فإنَّه لا يَنْشَغِلُ بالعبادة؛ لأنَّه وَصَلَ إلى الله عز وجل فَيَفْنَى بِمَعْبُودِهِ عن عِبَادَتِهِ، وَبِمَشْهُودِهِ عن شَهَادَتِهِ... إلى آخِرِهِ.

الثالث: فَنَاءُ الوُجُودِ؛ وَهُوَ الفَنَاءُ عَمَّا سِوَى الله. وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ وَحْدَةِ الوجود؛ كَابْنِ عَرَبِيٍّ وَغَيْرِهِ؛ يَقُولُونَ: لَيْسَ في الوجود إلاَّ الله، فالله هو الوجود كلُّه، السَّماوات والأرض والجبال والكلاب والحمير والآدميُّون، كلُّها هي الله، والَّذي يُثْبِتُ مَوْجُودًا غَيْرَ الله مُشْرِكٌ؛ فلا مَوْجُودَ إلاَّ الله، والكَوْنُ كلُّه هو الله، ولو اعْتَقَدْتَ أَنَّ هناك خَالِقًا وَمَخْلُوقًا تَكُونُ مُشْرِكًا عِنْدَهُم؛ فَغَايَةُ التَّوْحِيدِ عِنْدَهُم هي الفَنَاءُ عن الموجودات كلِّها، وأن تَعْتَبِرَ الوُجُودَ كلَّه هو الله. وهذا ما يُسَمَّى بِوَحْدَةِ الوُجُودِ، وهو أَكْفَرُ مَذَاهِبِ أَهْلِ الأرض، والعِيَاذُ بالله.


الشرح