وَأمَّا النَّوْعُ الثَّانِي فَهُوَ «الفَنَاءُ
عَنْ شُهُودِ السِّوَى»: وَهَذَا يَحْصُلُ لِكَثِيرٍ مِنَ السَّالِكِينَ؛
فَإِنَّهُم لِفَرْطِ انْجِذَابِ قُلُوبِهِم إِلَى ذِكْرِ الله وَعِبَادَتِهِ
وَمَحَبَّتِهِ وَضَعْفِ قُلُوبِهِم عَن أَن تشهد غير مَا تعبد وَترى غير مَا تقصد،
لاَ يخْطر بقلوبهم غَيْرُ الله، بَلْ وَلاَ يَشْعُرُونَ؛ كَمَا قيل فِي قَوْله: ﴿وَأَصۡبَحَ
فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَٰرِغًاۖ إِن كَادَتۡ لَتُبۡدِي بِهِۦ لَوۡلَآ أَن
رَّبَطۡنَا عَلَىٰ قَلۡبِهَا﴾ [القصص: 10] قَالُوا: فَارغًا من كلِّ شَيْءٍ
إِلاَّ مِنْ ذِكْرِ مُوسَى.
****
هذا زِيَادَةُ إِيضَاحٍ؛ فَقَوْلُهُ: «وَأمَّا النَّوْع الثَّانِي» «فَهُوَ الْفَنَاءُ عَنْ شُهُودِ السِّوى»:
يَعْنِي: لا يَرَى غَيْرَ الله جل وعلا.
قوله:
«وَهَذَا يَحْصُلُ لَكَثِيرِ مِنْ
السَّالِكِينَ»: يعني: الصُّوفيَّة.
قوله:
«فَإِنَّهُمْ لِفَرْطِ انْجِذَابِ
قُلُوبِهِمْ إلَى ذِكْرِ اللهِ... لاَ يَخْطُرُ بِقُلُوبِهِمْ غَيْرُ اللهِ؛ بَلْ
وَلاَ يَشْعُرُونَ»: هو بهذا المَعْنَى لا بَأْسَ به، ولكنَّه لَفْظٌ
مُبْتَدَعٌ.