وَذَلِكَ تَحْقِيق «شَهَادَة أَن لا إِله إِلاَّ
الله»، فَإِنَّه يَنْفِي عَن قلبِه أُلوهيَّة مَا سَوى الْحقِّ، وَتثبت فِي قلبِه
أُلوهيَّة الْحقِّ، فَيكون نافيًا لأُلوهيَّةِ كلِّ شَيْءٍ من الْمَخْلُوقَات،
مثبتًا لأُلوهيَّةِ ربِّ الْعَالمِين وَربِّ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَات، وَذَلِكَ
يتَضَمَّن اجْتِمَاعَ الْقلبِ على اللهِ وعَلى مُفَارقَة مَا سِوَاهُ، فَيكون
مفرِّقًا فِي عِلمِه وقصدِه، فِي شَهَادَتِه وإِرادتِه، فِي مَعْرفَتِه ومَحبتِه
بَين الْخَالِق والمخلوق، بِحَيْثُ يكونُ عَالمًا بِاللَّه تَعَالَى، ذَاكِرًا
لَهُ عَارِفًا بِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِك عَالِمٌ بمباينتِه لخَلقِه، وانفرادِه
عَنْهُم، وتَوحُّدِه دُونهم؛ وَيكونُ مُحبًّا للهِ مُعظِّمًا لَهُ، عابدًا لَهُ
راجيًا لَهُ، خَائفًا مِنْهُ مُواليًا فِيهِ، معاديًا فِيهِ مُستعِينًا بِهِ
متوكلاً عَلَيْهِ، مُمْتَنعًا عَن عبَادَة غَيرِه والتوكُّلِ عَلَيْهِ والاستعانةِ
بِهِ، وَالْخَوْفِ مِنْهُ والرَّجاءِ لَهُ والموالاةِ فِيهِ، والمعَاداةِ فِيهِ
وَالطَّاعَةِ لأَمرِه، وأمثالُ ذَلِك مِمَّا هُوَ من خَصَائِصِ إلهيَّة اللهِ
سبحانه وتعالى.
****
قوله: «وَذَلِكَ تَحْقِيقُ «شَهَادَةِ أَنْ لا إِله إِلاَّ الله» فَإِنَّهُ
يَنْفِي عَنْ قَلْبِهِ أُلُوهِيَّةَ مَا سِوَى الحقِّ وَيُثْبِتُ فِي قَلْبِهِ
أُلُوهِيَّةَ الحقِّ»: الأُلوهية معناها العبُودية، فالمؤمنُ ليس في قلبِه عبادة،
ولا في أعمالِه، ولا في تصرُّفاتِه إلا لله جل وعلا وحده.
قوله:
«فَيَكُونُ نَافِيًا لأُِلُوهِيَّةِ كُلِّ
شِيْءٍ مِنْ المخْلُوقَاتِ مُثْبِتًا لأُِلُوهِيَّةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ»:
وهذا معنى «لا إِله إِلاَّ الله»،
الإلهُ الحقُّ هو اللهُ، وأمَّا الآلهَةُ الأُخرى المعبودةُ فهي باطلَةٌ مهما
كانتْ، فهذه الكلمةُ على اختصارِها تجمَعُ لكَ العقيدةَ، «لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ» أي: لا معبودَ حقًّا إلا اللهُ جل وعلا، وما
سواه فهو معبودٌ بالباطلِ.
الصفحة 7 / 397